وثائق سرية كشفتها المخابرات المركزية الأمريكية:
موسكو أرسلت لمصر صواريخ نووية فى حرب أكتوبر!
محمد نعيممجلة الإذاعة والتلفزيون - عدد 3858 - السبت 21 فبراير 2009م



الوثائق السرية الأمريكية التى تم الكشف عنها أوضحت أنه على الرغم من إبلاغ الجهاز الاستخباراتى العربى عن تلك المعلومات لنظيره الأمريكي، إلا أن واشنطن ارتابت فى حكومة الجهاز العربى ودارت حولها شبهة الضلوع فى محاولة اغتيال رئيسة الوزراء الإسرائيلية نظرا لما تنطوى عليه علاقة هذا البلد بإسرائيل من عداء وكراهية، إلا أن هذه الشكوك سرعان ما تبخرت فى ظل العلاقات الوطيدة التى كانت تربط حكومة الجهاز العربى بالولايات المتحدة آنذاك، فى الوقت ذاته ألمحت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى أن "خالد الغواری" - الملقب ب "أبو وليد العراقى" المتهم الأول فى محاولة اغتيال جولدا مائير والمعتقل حاليا فى الولايات المتحدة - كان ينتقل بهويات وجوازات سفر مختلفة فى مختلف أنحاء العالم واعتقلته المباحث الفيدرالية الأمريكية الـ "FBI" عام 1991 بعد مشاركته فى تشييع جثمان أحد كوادر منظمة التحرير الفلسطينية فى تونس.
ولم تقف وثائق الاستخبارات الأمريكية الـ "C.I.A" عند محاولة اغتيال جولدا مائير الفاشلة فى مدينة نيويورك وانما تطرقت إلى الخرق الإسرائيلى لقرار وقف إطلاق النار الذى تم اتخاذه بعد أيام من حرب أكتوبر بين حكومة تل أبيب ومصر وسوريا من جهة أخرى.. وبحسب الوثائق الممهورة بخاتم سرى للغاية خرقت إسرائيل قرار وقف إطلاق النار فى حينه بغطاء صامت من الإدارة الأمريكية وكان وزير الخارجية الأمريكى آنذاك كيسنجر الراعى الأول للتجاوزات الإسرائيلية وكان الهدف من هذه الخروقات وفقا للوثائق الأمريكية إعادة احتلال أكبر مساحة ممكنة من أرض سيناء وتطويق الجيش الثالث المصرى، وأضافت الوثائق: "فى الثانى والعشرين من أكتوبر ۱۹۷۳ خرقت إسرائيل بعلم من الولايات المتحدة قرار وقف إطلاق النار مع مصر وسوريا فى محاولة لخلق أزمات استباقية عند نقاط المواجهة مع الجيوش المعادية وتطويق الجيش الثالث المصرى"، ويتضح أن الخروقات السافرة التى يدور الحديث عنها كانت باتفاق مسبق مع الولايات المتحدة التى اتخذت موقفا صامتا حيال تلك التطورات الدراماتيكية.
ووفق وثائق أخرى نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية بالتعاون مع الـ "C.I.A" أفيد بأن وزير الخارجية الأمریکی آنذاك هنرى كيسنجر أعطى الضوء الأخضر الحكومة تل أبيب بالهجوم. الخرق الإسرائيلى لوقف إطلاق النار مع مصر وسوريا بحسب المعلومات الاستخباراتية أسفر عن أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى السابق، الذى ارتاب قادته فى إبرام صفقة بين وزير الخارجية الأمريكى ووزير خارجية إسرائيل، وأدت الأزمة الدبلوماسية بين حكومتى واشنطن وموسكو لعمليات عسكرية سوفييتية غير معتادة كان من بينها تحرك قوات عسكرية سوفييتية معززة إلى منطقة الشرق الأوسط.
انطلاقا من تلك المعطيات ووفقا لما جاء فى الوثائق الأمريكية قررت الخارجية الأمريكية فى الخامس والعشرين من أكتوبر ۱۹۷۳ رفع الغطاء الذى تمنحه للدولة العبرية، فى محاولة لإعادة تفعيل قرار وقف إطلاق النار بين حكومة تل ابيب ومصر وسوريا، كما حذر كيسنجر إسرائيل من أن مكانته الدبلوماسية باتت عرضة للخطر وأنه لن يستطيع مجاراة القيادات العسكرية العبرية أكثر من ذلك ولابد من تفعيل قرار وقف إطلاق النار، وفى هذه المرحلة طالب الاتحاد السوفييتى تل أبيب بالانسحاب حتى خط الثانى والعشرين من أكتوبر الذى كان قرار وقف إطلاق النار قد اتخذ عند وصول القوات المصرية عنده فى سيناء وهددت موسكو فى حينه بتنفيذ عملية عسكرية ضد إسرائيل لفك الحصار المفروض على الجيش المصرى الثالث.
فى الوقت الذى هدد فيه الرئيس الأمريكى وقتها نیکسون بالانعزال عن إسرائيل إذا لم تستجب لوقف إطلاق النار وفى ظل توتر العلاقات مع الاتحاد السوفييتى أعلنت الولايات المتحدة حالة الاستنفار القصوى فى قواعدها العسكرية المنتشرة فى مختلف دول العالم وجاء هذا الإعلان بعد منتصف ليل السادس والعشرين من أكتوبر ۷۳ كما أوعز الرئيس الأمریکی نیکسون برفع حالة الاستنفار النووية على خلفية ماتوارد إليه من معلومات يفيد فحواها أن الاتحاد السوفييتى يعتزم استخدام أسلحة نووية فى مواجهته المحتملة مع إسرائيل وربما تقود هذه المواجهة - إذا خرجت لحيز التنفيذ - إلى مواجهة أوسع وأشرس مع الولايات المتحدة، ليحمل هذا التطور الدراماتیکی بوادر حرب عالمية جديدة أو بعبارة أخرى حرب عالمية ثالثة, وتشير الوثائق الأمريكية إلى أن رئيس الاتحاد السوفييتى فى حينه «برجينيف» اجرى اتصالا هاتفيا على الخط الساخن بنظيره الأمریکی نیکسون احتج خلاله على الخرق الإسرائيلى السافر لقرار وقف إطلاق النار مع مصر وسوريا، وبعد هذا الاتصال الذى لم يسفر عن أى نتيجة إيجابية بعث الزعيم السوفييتى برسالة شديدة اللهجة للرئيس نیکسون، أقنعت الأخير بضرورة تفعيل قرار وقف إطلاق النار بين مصر وسوريا واسرائيل بعد خرق الأخيرة له.
وثائق الاستخبارات الأمريكية "C.I.A"" أشارت إلى أن تراجع الولايات المتحدة عن دعم إسرائيل فى خرقها لوقف إطلاق النار مع مصر وسوريا لم يكن حفاظا على مكانة وزير الخارجية هنرى كيسنجر وإنما جاء على خلفية ما تم تسريبه من معلومات استخباراتية آنذاك يشير مضمونها إلى وصول عدد من السفن والغواصات النووية السوفييتية إلى منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذى حمل مؤشرات قوية لاندلاع حرب نووية فى تلك المنطقة الساخنة بين موسكو وتل أبيب وما يمكن أن يكون للولايات المتحدة من ضلوع مباشر فيها دفاعا عن الدولة العبرية، وربما يؤيد تلك المؤشرات ما زعمته الوثائق الأمريكية من رصد أقمار التجسس الأمريكية لوجود منصات "سكود" صاروخية ذات رؤوس نووية فى منطقة "دلتا النيل" يرافقها جنود تابعون للجيش السوفييتى بعد أيام من اندلاع الشرارة الأولى لحرب أكتوبر.

فى ظل المعلومات الواردة بالوثائق الأمريكية التى أزيح عنها الستار أخيرا لم تقف إسرائيل حيال تلك التطورات صامتة، خاصة عندما دار الحديث حول احتمالات تبنى الخيار النووى السوفييتى ضد تل أبيب، وبحسب الوثائق ذاتها وما نقله عنها الملحق الأسبوعى لصحيفة يديعوت أحرونوت أن حكومة جولدا مائير على قناعة بأنها باتت قاب قوسين أو أدنى من خراب ثالث لهيكل سليمان المزعوم وأنه يتوجب عليها اتخاذ التدابير اللازمة حيال التهديد النووی القادم من دلتا النيل عن طريق موسكو، وللمرة الأولى سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشر معلومات على درجة عالية من السرية حول هذه التطورات، وأشارت التقارير العبرية الواردة فى هذا السياق إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلى فى حينه موشى ديان كان قد أجرى سلسلة مشاورات مع الأجهزة المعنية فى تل أبيب لمواجهة التهديدات النووية التى يدور الحديث عنها وفى أعقاب التنسيق مع رئيس قيادة الأركان الإسرائيلى فى حينه "ديفيد اليعازر" تم الاتفاق على وضع ترسانة الصواريخ الإسرائيلية "أريحا" المعروفة لدى الدول الغربية بـ "العبرى" القادرة على حمل رؤوس نووية فى حالة استنفار قصوى لمجابهة الصواريخ النووية السوفييتية فى دلتا النيل.
عشية اندلاع حرب أكتوبر رفضت جولدا مائير إعلان التعبئة العامة فى جيش الاحتلال اعتمادا على تقديرات خاطئة من موشی دیان.
حمل مطار جون كيندي، هذا الاسم عام 1963 بعد أن كان يطلق عليه اسم "أيدلوبد" منذ إنشائه فى مدينة نيويورك.
اعتبرت كبرى مراسلات شبكة C.N.N أن رئيسة حزب كاديما الإسرائيلى تسيبى ليفنى هى الامتداد الطبيعى لشخصية جولدا مائير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.