الخميس، 10 فبراير 2011

يوميات متظاهر فى قلب المعركة


يوميات متظاهر فى قلب المعركة

أحداث شاهدها ويرويها: أشرف السيد الشربينى

ملحوظة: فى البداية يجب أن أنوه إلى أننى لم أحضر المظاهرات منذ بدايتها لانشغالى بالامتحانات.. ولم أحضر منها حتى الآن سوى الأربعة أيام التالية وقد ذكرت هذه أسباب ذلك فى كتابتى عن اليوم الأخير..

يوم الجمعة 28 يناير 2011م:
فى ذلك اليوم كان من المقرر أن يكون هناك مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة.. وفى ذلك الوقت كنت أمتحن آخر مادة لى فى كلية التربية فى التأهيل التربوى..
خرجت مع زميلين لى من الكلية فى الساعة الرابعة، وأخذنا نبحث عن المظاهرة التى نعلم أنها سوف تخرج.
خرجنا لنجد لأول مرة فى تاريخنا.. الشارع فارغًا من الناس والسيارات من بعد شارع الثانوية وحتى المحافظة..
أخذنا نمشى فى طريقنا إلى المحافظة، ونحن نبحث عن المظاهرة فلا نجد مظاهرة.. بل فقط شوارع خالية.. فتذكرت حينها المشهد الذى يقول فيه الفنان خالد زكى فى فيلم "طباخ الرئيس": (وديتوا الشعب فين يا حازم؟؟؟؟).
وصلنا عند كوبرى طلخا.. وهنا تأكدنا أنه كان هناك مظاهرة تمر من هنا.. فقد وجدنا الصورة الكبيرة التى كانت تواجه كوبرى طلخا والتى فيها الرئيس مبارك وابنه جمال.. وجدناها على الأرض متقطعة إلى أجزاء صغيرة ولا يبقى من لمبات النيون التى كانت تضيئها أى لمبات سليمة..
وصلنا عند عمر أفندى.. فوجدنا الصورة الكبيرة للرئيس مبارك وقد حدث معها مثلما حدث مع الصورة التى تجمعه بإبنه..
وصلنا إلى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى.. والذى كان عليه صورتان للرئيس على جانبى الحزب وصورة ثالثة فوقه.. تلك الصور لم يعد لها وجود.. كما أن جملة "الحزب الوطنى الديمقراطى" التى كانت مكتوبة على مدخل الحزب قد اختفت تمامًا..
حتى الآن لم نرى المظاهرة.. وأعيننا ترى المحافظة من بعيد.. وليس هناك أحد.. أو هكذا كنا نظن..
وصلنا إلى هناك.. ودخلنا من جانب المحافظة حتى وجدنا أمام مبنى المحافظة جمهورًا عريضًا من شعب المنصورة.. ينادون بسقوط الطاغية مبارك..
كنا قد وصلنا فى حوالى الساعة الرابعة والنصف أو الخامسة.. وكان علينا قبل أن ندخل إلى المظاهرة أن نمر على صف من رجال الأمن المركز الذين كان يقفون فى صف قريبًا جدًا من الجمهور.. فألقينا عليهم السلام ودخلنا لنشاهد ونردد ما يرددون.. وكانت المظاهرة سلمية مئة فى المئة.. فلم يكن هناك سوى مناداة بسقوط النظام.. ولكن حدث من قوات الأمن ما جعلها مظاهرة غير سلمية..
كانت المظاهرة سلمية ولكن فجأة وجدنا من يصرخ من بيننا يطلب من الجميع أن يركض.. نظرنا إلى الخلف لنجد رجالًا من الأمن المركزى (أو ليسوا برجالًا) يلقون علينا من فوق أسطح إحدى البنايات القريبة من المحافظة.. الغازات المسيلة للدموع.. الرائحة تشبه كما لو كان كاوتشوك سيارة محروق ومأخوذًا دخانه وتم وضعه فى علبه صفيح.. هذا عن الرائحة أما عن التأثير فقد كان حرقان فى الأنف وسيلان ونوعًا من الاختناق.. ولسعا نفى جفن العين وفى العين أيضًا مع احمرارها احمرارًا شديدًا..
وكنت أظن حينا أن جميع الناس قد جاؤوا فى نفس الاتجاه الذى ذهبنا إليه.. حيث أخذنا نقذف بالطوب فى وجه رجال الأمن المركزى بينما كان يقومون بإلقاء القاذفات المسيلة للدموع علينا.. ولكننى اكتشفت فيما بعد أننا قد انقسمنا إلى جزئين.. جزء ذهب فى الاتجاه الذى جئنا منه حيث أحرقوا سيارة ملاكى وسيارة ربع نقل كانا أسفل مدخل المحافظة مما أحرق المدخل بالكامل، كما أحرقوا سيارة شرطة ربع نقل.. أما نحن ذهبنا فى الاتجاه الآخر.. ويبدوا أن ذهابًا فى هذا الاتجاه الآخر جعل الأمن المركزى ينشغلون بنا عن الذين أشعلوا النيران فى مدخل المحافظة..
أخذنا نبادل المقذوفات لأكثر من ساعات.. هم يقذفوننا بالغازات المسيلة ونحن نقذفهم بالطوب.. حتى فوجئنا باشتعال النار فى مبنى مديرية الأمن القديم.. وحينها بدأ رجال الأمن المركزى فى التقدم بخطواتهم نحونا حتى يرجعونا إلى الخلف ولم يكن أمامنا ونحن نشم رائحة الغاز المسيل للدموع كل قليل سوى أن نرجع.. فقد كان إلقاء الغازات المسيلة للدموع كما لو كانوا بجوار مصنع لتلك الغازات.. فقد تم إلقاء أكثر من 500 قنبلة مسيلة علينا فى ذلك اليوم.. هذا غير الرصاص المطاطى..
وما إن استطاعوا أن يجعلونا نرجع حتى شارع قناة السويس.. قد قمت بالرحيل وكانت الساعة السابعة والنصف..
كان من المفترض أن يلقى الرئيس بخطاب إلى الشعب فى الساعة السابعة ولكن ذلك لم يحدث وتأخر الخطاب حتى شاع بين الناس أنه قد هرب..
فى البيت كنت قد عدت متعبًا.. فدخلت لأنام.. وفى الساعة الثانية عشر قامت أختى بفتح باب غرفتى لكى أستمع إلى حوار الرئيس.. فوجدت صوته فى التلفاز يصلنى قائلًا: (لقد أعطيت الحرية للشباب).. فتذكرت القنابل المسيلة للدموع والذى لم يتوقفوا عن إطلاقها.. وتذكرت الرصاص المطاطى الذى أصاب البعض.. ورأيت دماء البعض تسيل من رؤوسها.. فقلت له فى قرارة نفسى: (إحنا هانبتديها كذب؟؟؟) فأكملت نومى ولم أستمع للخطاب..

السبت 29 يناير 2011م
فى ذلك اليوم بدأت المظاهرات تخرج عن الهدف الأساسى الذى خرجت من أجله وإنشغلت بالنبش فى داخل بيوت الدبابير وهم رجال الأمن المركزى..
ذهبت إلى المحافظة حوالى الساعة الخامسة لأجد المظاهرات ولكنى لم أجد الأمن المركزى الذى كان يحمى المحافظة بالأمس.. ورغم ذلك فكان الناس أنفسهم يمنعون أى شخص من التكسير فى مبنى المحافظة قائلين له بأن هذه أموالنا نحن ويجب علينا أن نحافظ عليها..
اتجهت المحافظة فقط إلى شارع قسم ثان.. والذى فيه قسم ثان شرطة المنصورة.. وأخذوا يقذفون بالحجارة فى رجال الأمن المركزى الذين يحمون القسم.. كان رجال الأمن المركزى يقذفون بالغازات المسيلة.. كان المتظاهرون ناحية عزبة الشال وكانوا بالمئات يقذفون رجال الأمن المركزى بالطوب.. بينما المتظاهرون الذين فى شارع قسم ثان نفسه (أى من الناحية الأخرى وكانوا ذات عدد قليل لا يتجاوز الخمسين شخص) يقذفون بزجاجات قديمة بها بنزين وفتيل من القماش بعد أن يضرموا النار فيها..
شاركت مع هؤلاء الذين فى ناحية عزبة الشال.. وشاركت مع هؤلاء الذين فى داخل قسم ثان.. وقد كان تعامل رجال الأمن المركزى مع من داخل شارع قسم ثانى هو الغازات المسيلة للدموع أيضًا ثم تطور الأمر بأن ألقوا علينا بالخراطيش..
لم أجد نفعًا مما نفعل.. فذهبت مستعدًا للرحيل.. وقد استرحت أمام شارع الأتوبيس القديم قليلًا.. ثم قررت فجأة قبل الرحيل أن أستطلع الأمر ناحية المحافظة.. وجدت الناس يجلسون هناك.. والسيارات تسير بكل سهولة ويسر فى ظل عدم وجود رجال المرور.. فلقد كان رجال المرور يعطلون المرور.. حين يقومون بإيقاف صف من السيارات لكى يمر صف آخر.. وما يلبث الصف الأول أن يكون قد ازدحم..
وصلت إلى المحافظة وهناك تكلمت مع بعض الشباب عن أوضاع البلد.. وما يمكن أن يحدث فيها فى ذلك المستقبل الغامض.. وما إن علمت أنه كان هناك دبابات تسير فى المنصورة منذ قليل.. وأن الجيش قد نزل إلى المنصورة حتى ذهب إلى ما خلف المحافظة لأراها.. وقد أخذ المتظاهرون حول الدبابات يستحثوهم على الإسراع لإنقاذ الناس فى شارع بورسعيد حيث هنا مبنى مديرية الأمن الجديد..
رأيت الناس يركبون حاملات الجنود (أو أوباظه كما يطلق عليها رجال الجيش) والتى تشبه الدبابة مع اختلاف السلاح فقط.. حيث أنه سلاح رشاش بدلًا من مدفعية قذائف.. فركبت معهم.. وتحركت الدبابات من مبنى المحافظة حتى وصلنا إلى عدن قبل الأمن المركزى بحوالى مائتى متر.. وهنا توقفت حاملات الجنود.. وظلت واقفة لمدة طويلة.. حتى سألت من كان يجلس بجانبى على الدبابة مداعبًا: (هو التوك توك ده مش ناوى يتحرك ولا إيه؟؟؟؟)
سألنا رجال الجيش: (لماذا لا تتحركون؟؟؟) وكانت الإجابة هى أنهم لم تصل إليهم الأوامر بالضرب..
كنت قد نزلت من فوق حاملات الجنود لأقف على جانب الشارع بعد أن أمرنا أحد أفراد الدبابة بالنزول حتى يستطيعوا التقدم.. نزلت ووقفت بجوار أحد محلات الزهور.. وكان بابه من الزجاج.. فسألت أحد العاملين فيه: (هو المحل مالوش باب حديد ولا إيه؟؟؟)... فأجابنى: (ما كناش وقفنا كدة؟؟؟.. ده إحنا مش عارفين ننام من امبارح)
كان الناس يقفون على بعد مائتى متر من رجال الأمن المركزى ويلتف معظمهم حول الدبابات.. ويبدوا أن خبر عدم تلقى قوات الجيش أوامر بالضرب قد وصل إلى هناك.. ففجأة جاء وابلًا من الخراطيش المنطلقة نحونا مع غازات مسيلة للدموع.. فدخلت إلى داخل محل الورد حتى توقف إطلاق الخراطيش فخرجت لأجد أمامى بعض الشباب يحملون جثتين أمامى ليدخلوا بهما إلى محل كوافير رجالى بجانب الشارع ويقومون بمحاولة إسعافهما حتى تأتى الإسعاف.. وقد جاءت الإسعاف وحملتهم.. ولكننا عرفنا أنها قد أخذتهم أمواتًا وليسا أحياء..
عند هذا الحد.. الجيش يقف وليس معه أى أوامر بالتحرك.. والناس متجمهرون.. والأمن المركزى يقف ليحمى عش الدبابير (مديرية الأمن).. ولا جديد..
رجعت فى طريقى إلى البيت.. فمررت فى الطريق على مقر الحزب الوطنى الديمقراطى.. الذى لم يعد حزبًا.. ولم يعد يصلح كمقر.. فقد دخلته وعند دخولى قلت: (ما دخلتوش وهو سليم أدخله وهو محروق).. كان المتظاهرون قد أحرقوه بالأمس.. وكان هناك بعض الأخشاب لم تحترق فى مكتبة الحزب فأحرقوها.. وقد شاركت فى الحريق بعدما تأكدت أنه ليس هناك كتبًا بالداخل.. بل ليس هناك بلاطًا على الأرض من الأساس.. فقد تم تخريب كل شئ فيه بالأمس.. ووجدت بعض الشباب الفقراء يسرقون أسلاك الكهرباء ومقابض الأبواب النحاسية.. حيث أن النحاس يمكن بيعه بثمن جيد..
أخذت أشارك فى إحراق المكتبة الخاوية من الكتب.. (ثم عرفت بعد ذلك يوم الإثنين 31 يناير أن الكتب لم تكن فى المكتبة ولكنها كانت قد احترق جزء كبير منها فى غرفة تسبق المكتبة أما المكتبة فكانت خاوية).. وكان هناك بعض الأخشاب وبقايا صور الرئيس الملقاة على الأرض فأحملها بيدها وأذهب بها فى اتجاه الحزب.. وألقيها إلى داخل الحزب من شباك تتصاعد منه النيران وأنا أقول لمن حولى: (يا جماعة.. حاجة الحزب ترجع للحزب)

الإثنين 31 يناير 2011م
أحد البنوك الخاصة يقف أمامه حاملة جنود
كان يوم الإستعداد للمظاهرة المليونية فى اليوم التالى.. كانوا يجمعون الجماهير الحاشدة من أجل مظاهرة الغد..
نزلت إلى المنصورة فى الساعة الرابعة تقريبًا.. خرجت من شارع الدراسات لأجد أحد البنوك الخاصة تقف أمامه حاملة جنود.. ويتم تغطية زجاج البنك بالصاج لحمايته..
وجدت المظاهرة قادمة من ناحية المحافظة فى اتجاه شارع قسم ثان.. ولكنها لم تشتبك مع رجال الأمن المركزى أو الشرطة مثلما حدث يوم السبت ولكنها استدارت فى طريقها من هناك بينما كان هناك عند شارع قسم ثان حاملة جنود ودبابة..


يتم تغطية زجاج البنك الخاص بالصاخ



كان عدد المتظاهرون فى المظاهرة كبير جداُ.. لدرجة أننى كنت أتساءل بينى وبين نفسى: (إذا كانت مظاهرة اليوم سيكون فيها مليون شخص.. فكم يكون المتظاهرون اليوم).. ورغم هذا العدد الكبير من المتظاهرون فإن العدد كان يتزايد كلما إستمرت مسيرة المظاهرة..
أنا وزميل الدراسة عبد الرحمن فى المظاهرة
جماهير غفيرة فى المظاهرة.. إستعداداً للمظاهرة المليونية
إحدى اللوحات التى كتبها أحد الشباب مطالباً الرئيس بالرحيل
الحزب الوطنى وقد إحترق ولم يعد به شبابيك ولا حتى بلاط ولا أى حاجة خالص

بجانب حاملة جنود امام بنك مصر فى الجانب الآخر من الطريق
دبابة أمام قصر الثقافة فى الجانب الآخر من الطريق
انعطفت المظاهرة من جانب مديرية الشرطة القديمة لتسير فى اتجاه قناة السويس.. ووصلت إلى منطقة المعسكر فى جديلة.. ثم استدارت فى لتسير فى الاتجاه المعاكس فى شارع قناة السويس.. ثم لتمر بجوار المحافظة وتدخل من شارع بجوار الإسكان وكانت الساعة قد وصلت للسادسة.. ولا تسير من طريق البحر (وذلك لأن الشوارع بها عدد من البيوت أكثر من شارع البحر.. فكان الدافع هو تجميع المتظاهرون وإنزالهم من بيوتهم للمشاركة).. كانت المظاهرة تسير بجوار البيوت وهم ينادون: (انزلوا من بيوتكم.. عايزين نجيب حقوقكم).. وصلت المظاهرة إلى شارع بنك مصر.. ومرت من هناك لتسير فى شارع حسين بك.. ثم تسير من شارع الجمعية الشرعية ليقوم المصلين بأداء صلاة العشاء.. ثم تدخل المظاهرة إلى شارع الجلاء.. وتسير فيه حتى نهايته.. وتصل إلى كلية التربية.. وعند كلية التربية تقوم بالإنحناء ناحية شارع الترعة.. وفى ذلك الوقت كنت قد تعبت من السير فقررت العودة ولكن قبل العودة قررت أن أذهب لأشاهد ما حدث فى مديرية الأمن عند كوبرى طلخا.. بينما سارت المظاهرة فى شارع الترعة وسارت حتى تصل إلى المحافظة مرة أخرى..
أمام الدبابة
ذهبت إلى مديرية الأمن وكنت أظن أنه قد تم تخريبها بعد أن تركها ضباط الأمن المركزى.. وانسحبوا من مواقعهم.. ولكننى قد وجدت أمرًا مختلفًا.. فقد عاد رجال الأمن المركزى بصورة لم أشاهدها من قبل.. كانت سيارات الأمن المركزى الكثيرة تقف أمام المبنى مع كم كبير من رجال الأمن المركزى بصورة توحى أنه سوف تقع فى الغد مجزرة بين رجال الأمن المركزى والمتظاهرون.. إلا أننى قد أخطأت الاعتقاد مرة أخرى..
استكملت سيرى عائدًا.. حتى رأيت حاملتين للجنود عند السنترال.. واحدة فى أول الطريق.. والأخرى على الطرف الأخر من الطريق.. فذهبت إلى تلك التى على الطرف الآخر.. وأخذت ألتقط بعض الصور لى وأنا بجوارها.. وأخذت أتحدث مع أحد رجال الجيش الذى كان هناك وعرفت منه أنه من أسيوط.. وأنهم جاءوا إلى المنصورة من الإسماعيلية.. أما بالنسبة لحاملة الجنود فعرفنا من أحد الأشخاص الواقفين والذين لم يكن من الجيش ولكنه كان فى الجيش فى يومًا من الأيام.. بأن الرشاش الذى على حاملة الجنود يقوم بإطلاق 240 طلقة فى الدقيقة وأن الطلقة طولها حوالى 15 سم وعرضها حوالى 2 سم.. وقد صادق الجنود الواقفين على ما يقول.. وعلى العموم فهذه ليس أسرارًا حربية.. فحاملات الجنود والدبابات أيضًا قد خرجت إلى الشارع ويراها الجميع أمامهم، هذا غير أن هذه الدبابات قد شاركت فى حرب أكتوبر وأنها معدات حربية قديمة وأن الحديث منها لا يراها أحد بل يتدرب الجنود على القديم فكلاهما يعتمدان على نفس الفكرة فى القيادة مع الاختلاف فى الإمكانيات بالتأكيد..
استكملت سيرى والتقطت صور لى بجوار دبابة كانت بالقرب من عمر أفندى.. كما فعلت ذلك أيضًا عند حاملات الجنود عند المحافظة التى وجدت المظاهرة كانت قد وصلت هناك.. ولكن العدد الذى كان فيها كان قد قل فكان الوقت قد تأخر وعاد معظمهم إلى بيوتهم..

الثلاثاء 1 فبراير 2011م
المظاهرات تحيد عن الأهداف الرئيسية لها
المظاهرات أصبحت بالقرب من المحافظة.. وقد فقدت أهدافها الرئيسية
فى ذلك اليوم ذهبت إلى المنصورة لأجد المظاهرة عبارة عن تجمع عند المحافظة.. فهى مظاهرة واقفة لا تسير مثلما حدث بالأمس.. ولذلك كان من يأتى يمشى بعدها بقليل، حيث لا يوجد جديد.. وكذلك فعلت أنا أيضًا.. فقمت بترك هذه التجمع الذى لم يكن مثل تجمع الأمس.. وذهبت إلى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى أو ما بقى منه لأقوم بالتقاط بعض الصور له لم أستطع أن ألتقطها له بالأمس بسبب الظلام..
الحزب الوطنى من الداخل.. وتبدوا الكتب محرقة بداخله
دخلت إلى الحزب وأخذت أنظر على الأوراق التى لم تحترق به.. وكانت معظم الكتب المحترقة هى كتب فى التربية وتاريخ التربية والتربية الإسلامية والمسيحية وغيرها وعلم النفس وكتب فى تعليم القراءة وتعليم الدفاع عن النفس.. ولما وجدت أن معظم الكتب فى التربية قلت لبعض الواقفين بجانبى: (معظمها كتب فى التربية.. يظهر إن الحزب كان بيتعلم فيها إزاى يربينا.. لحد ما زهقنا من التربية فعملنا الثورة)..
بينما كنت أفتش فى الكتب المحترقة عن كتب سليمة مفيدة.. وجدت صوت أحد الأشخاص يقول بصوت عالى: (الدليل على إن النار ما تحرقش مؤمن.. صورة جمال عبد الناصر).. خرجت لأجد بيده صوره للرئيس جمال عبد الناصر كانت ضمن أحد الكتب.. وقد احترقت أطراف الورقة ولكنها لم تطل صورة الزعيم.. وقال أحد الأشخاص: (وإيه إللى جابها هنا فى الحزب الوطنى.. دى أكيد جت هنا غلط)..
النار لا تحرق مؤمن.. هكذا صاح أحد الأشخاص حين وجد هذه الصورة
قمت بتجميع بعض الأوراق من الكتب التى لم تحترق بالكامل.. فحملت جزء من كتاب عن تاريخ التربية وآخر يتكلم عن تاريخ العلاقات بين الدول الأجنبية والحرب العالمية الثانية وغيرها وبعض صفحات من كتاب معلومات عامة..
بعد ذلك قمت بالتجول فى المنصورة تجولًا عاديًا ثم عدت إلى التجمع الذى كان أمام المحافظة لأراه كما هو.. وإن كنت قد رأيت أحد الأشخاص يحمل صورة الرئيس جمال عبد الناصر.. والذى كان رغم اتسام عهده ببعض الديكتاتورية وعدم تجرأ أحد على العيب فى رئيس الجمهورية.. إلا أنه كان يعمل فى صالح أبناء مصر.. وكم من المرات أقال فيها وزراء للتموين بسبب ارتفاع الأسعار ملاليم قليلة.. ومات وهو لا يملك سوى منزله الذى كان يعيش فيه بالإيجار..
لم تعد المظاهرات تـَعرف ما الذى تريده بالضبط.. كانت فى البداية تريد رحيل مبارك.. والآن ترفع لوحات تطالب بإعدام مبارك والمسؤولين.. ووهناك من يرفع يافتات يطلب فيها وظيفة.. ومن يطالب بحد أدنى للأجور.. إلخ.. وكثرة الطلبات تفقد الثورة معناها وتعطى للنظام شرعية.. فإذا كنت تريد ثورة لإسقاط النظام فبأى منطق تطلب منه زيادة مرتبات أو وظيفة.. إلخ.. إن الهدف الأساسى هو إن الرئيس يرحل سواء كان سيرحل ليعيش فى مصر أو يرحل بره مصر.. ثم بعد ذلك تأتى الطلبات فى ظل نظام ديمقراطى جديد.. وهذا ما يفهمه ويصر عليه الشباب المعتصمون فى ميدان التحرير.. ولكن هناك من يدخل إلى المظاهرات ويندس بين ثوارها من أجل طلبات شخصية أو طلبات لا يصح أن نطلبها من نظام فاقد للشرعية.. كما أن كثرة الطلبات تـُضَيـِع الأهداف..
ولقد أصبح هناك تبلبلًا فى الآراء بين الناس.. حول من الذى يمكن أن يمسك بالرئاسة.. وهل يرحل مبارك الآن مثلما يصر شعب مصر أم ينتظر حتى ينهى فترة حكمه بعد عدة أشهر مثلما يصر أعوان النظام.. وغيرها من الآراء والتساؤلات التى ترى مستقبلًا غامضًا لهذا البلد العظيم (مصر)..


ملاحظات:
- ليس هناك مراجع فكلها مشاهدات رأيتها بنفسى.
- بخصوص اليومين 28 و 29 يناير.. لم يتوفر معى وقتها محمول لأصور به ما رأيت.. فعذراً لعدم توفر صور لدى عن هذين اليومين.
- لم أستطع نشر كل الصور فى المقال لضيق المساحة.. يمكن رؤية باقى الصور على ألبومى فى الفيس بوك.

المنصورة الإثنين 31 يناير 2011م



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.