‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبحاث أشرف السيد الشربينى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبحاث أشرف السيد الشربينى. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 20 يوليو 2012

الملك "التمساح"


الملك "التمساح"

معظم ما عُثر عليه من آثار له قد جاء من "طرخان" من المقابر (315)،(414)، (1549)، وهى عبارة عن أوانى وأختام. كما عثر على إناء عليه اسمه من "منشأة أبو عمر".
ولسنا نعرف الكثير عن القادة الذين قاموا بمهمة توحيد مصر، والتى انتهت بالنجاح، والذين نعرف منهم اسمين أشرنا إليهما من قبل، وهما الملك "العقرب"، والملك "نعرمر".



المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):

الملك "كا"


الملك "كا"

كا بالإنجليزية Ka ، ويقال له أيضا سخم كا،  وقد حكم من أبيدوس وتوجد مقبرته على بعد بضعة أمتار من مقبرة "نعرمر" في منطقة أم القعاب فى الجبانة (B) بأبيدوس. وقد وجدت عدة آثار من أختام وأوانى تحمل اسمه.

كذلك فقد عُثر على آثار له فى أماكن أخرى بالوجه القبلى، ومنها ما عُثر عليه حديثاً فى (العضايمة). كما عُثر على اسمه فى مواقع بالشمال، مثل جبانة (A) فى "طرخان", و"حلوان", و"كفر حسن الضَّوْ" عند المدخل الجنوبى لمنطقة "وادى الطميلات", وفى "تل ابراهيم عوَّاد".

ويرى بعض العلماء أن هذا الملك هو السابق المباشر للملك "نعرمر".


المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الملك إرى حور


الملك إرى حور

إري حور بالإنجليزية Iry-Hor ، أو رو ، هو فرعون من فراعنة عصر ما قبل الأسرات في مصر القديمة ، وذلك بالرغم من شك علماء المصريات في وجوده, تم العثور على العديد من الأوانى التى حملت اسمه، عثرت عليها البعثة الألمانية فى إحدى الجبانات فى "أبيدوس".
 ويعتقد أنه كان الملك السابق للملك كا. وقد حكم مصر من أبيدوس ودفن في منطقة أم القعاب أو "أم الجعاب" بالقرب من ملوك الأسرة الأولى وهى تسمية حديثة لجباية مصرية قديمة كانت تسمى “بيقر”.
كما عُثر له على أختام من "زاوية العريان" فى رديم المقابر.

وعُثر على اسمه مكتوباً على دوَّارة مغزل من "هيراكونبوليس".


المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الملك نـى حـور


الملك نـى حـور

وجد اسمه فى (سرخين) على إناء من منطقة "طره".
كما عُثر على اسمه فى "عزبة التل"، و"بوتو"، وقرية "تل الملهاطا". كما عُثر على ختم دائرى من مقبرة فى "حلوان".
وتشير آثار الملك "نى- حور" التى عُثِر عليها فى الشمال إلى أن زعماء الجنوب قد بدأوا يتحركون إلى الشمال. وإن كان البعض يرى أن هذا الاسم مرادف لاسم "نعرمر".



المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الملك "الأسد"


الملك "الأسد"

يرى "دراير" أن هذا هو الملك الذى ورد اسمه على خاتم من "المحاسنة". ويعتقد "دراير" أن العديد من أسماء الملوك فى هذه الفترة (منذ الملك الفيل) كانت تظهر فى ممتلكاتهم، كأن تُرسم شجرة وبجانبها أسد، فيكون المعنى: (مزرعة الملك الأسد). وهناك العديد من الأمثلة على الأماكن التى تحمل اسم الملوك.
ويعتقد المؤلف نفسه أن الصلاية المعروفة باسم (صلاية الأسد والعقبان) ليست إلا تسجيلاً لتقدُّم الملك الأسد فى أرض المعركة.
وقد ظهرت أمام الملك الأسد شخصية ذات مقام، لم يبق منها غير نصفها الأسفل، وردائها المرقَّش الطويل، والتى قد تمثِّل معبودة مصرية كما يظن "زيته"؛ أو أميراً ليبياً كما يظن "فاندييه"؛ أو المعبود "إينحرت" (أنوريس) كما يظن "شوت". وقد دفعت هذه الشخصية أمامها أسيراً عارياً إلا من جرابٍ يستر العورة، وقد ثَنَت ذراعيه من خلف ظهره. وقد بقى أمام الأسير جزء من علامة تصويرية كانت تعبر عن اسم بلده، واقترح "زيته" قراءة الاسم: "ستيو"  بمعنى: (آسيا)، أو: "تاستى"  بمعنى: (النوبة). واقترح "فاندييه" قراءته: "تامحيت"  بمعنى: (أرض الدلتا)؛ ولو أنه ليس فى هذه القراءات للأسف قراءة تفضل الأخرى.

جزء من صلاية الملك الأسد والعقبان
ويظهر الشكل التالى جزء من (صلاية الأسد والعقبان)، وقد صوّر النقش منظراً للملك الأسد وهو يفتك بعدوه، وصوّر الأسرى وقتلى المعركة إذ تفترسهم العقبـان (متحف الأشموليان - أكسفورد). من أواخر ما قبل الأسرات إلى الأسرة الأولى (حوالى 3100 ق.م). ارتفاع 32.8 سم.


المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الملك "الثور"


الملك "الثور"

صلاية الملك الثور بمتحف اللوفر
ولعل من أهم آثار الملك "الثور" صلايته الشهيرة بمتحف "اللوفر"، حيث أبدع الفنان فى تصوير القوة البدنية للملك ممثلاً فى ثور تظهر تفاصيل جسده، وعضلات سيقانه؛ مغطياً جبهته ومقدمة رأسه بشعر مموَّج مرتَّب، ومُظهِراً خطوطاً حول عينيه وأنفه توحى بأنه قد كسا وجهَه بغطاء مزخرف، شأنه شأن فحول العصور المتأخرة التى رمز أصحابها بها إلى بعض معبوداتهم، وخلعوا عليها نصيباً من قداستهم، واهتموا بزينتها فى حياتها ومماتها.
ولم يرمز الفنان بالفحل إلى ثور حقيقى أو معبود، وإنما رمز به إلى ملكه الذى تخيله ذا بطش شديد، وقوة تفوق قوة البشر. وقد كانت الفحول ولا تزال أكثر الحيوانات الأليفة فى البيئات الزراعية نفعاً حين هدوئها، وأكثرها احتمالاً حين عملها، وأكثرها بطشاً حين غضبها، وظل تشبيه الملوك المصريين بالفحول منذ ذلك الحين قريناً لتشبيههم بالأسود.
ولم يكن الخصم الذى طرحه الفحلُ أرضاً غير رمز لجماعة أو رئيس لمنطقة من البادية أو من حواف الدلتا، لا يبعد أن اسمها كان مرموزاً إليه بعلامة تصويرية إلى جانبه. ويرى "شوت" هذه المنطقة فى الصحراء الشرقية؛ ويتردد "جاردنر" بين اعتبارها فى الصحراء الغربية، أو فى الوجه البحرى.
وعلى أحد وجهى الصلاية ظهر تحت الأسد وخصمِه خمسُ ألويةٍ مقدسةٍ يعلوها رمزان للمعبود "وب واوت" (فاتح الطرق)؛ ورمزٌ للمعبود "جحوتى"؛ ورمزٌ للمعبود "حور"، ورمزٌ للمعبود "مين".
وقد امتدت من كل لواء منها يدٌ بشرية واضحة التفاصيل، وقبضت الأيدى الخمسة على حبل طويل غليظ كان يلتف من غير شك حول رقاب طائفة من الخصوم الذين ضاعت صورهم فيما ضاع من جسم الصلاية.
ويحتمل أن فنان الصلاية قد أراد أن يعبر بألوية الأرباب عن مشاركتها لملكه فى حربه، وتأييدها له فى نصره؛ أو أنه قد أراد التعبير بها عن أتباعها الذين حالفوا الملك ضد خصومه.


المراجع:

موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الملك "الفيـل"

الملك "الفيـل"
الملك الفيل

وقد جاء ذكره على جرافيتى "مين" بقفط، وكذلك نقش - كما هو ممثل فى الشكل المقابل - من الجبانة (U, J) بأبيدوس.



المراجع:
موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):

الملك "الصقر"


الملك "الصقر"

لا يوجد عنه الكثير, وقد افترض "درير" (G. Dreyer) أن لوحة متحف "المتروبوليتان" رقم (MMA28.9.8) التى ورد عليها اسم هذا الملك، وكذا السفينة المرمرية من "هيراكونبوليس" التى ظهر عليها إفريز من الصقور والعقارب، ربما كانت تكريماً للملك "الصقر".



المراجع:
موقع مصريات (أحد مواقع مكتبة الاسكندرية):
http://www.bibalex.org/egyptology/Home/Home.aspx

الخميس، 10 فبراير 2011

يوميات متظاهر فى قلب المعركة


يوميات متظاهر فى قلب المعركة

أحداث شاهدها ويرويها: أشرف السيد الشربينى

ملحوظة: فى البداية يجب أن أنوه إلى أننى لم أحضر المظاهرات منذ بدايتها لانشغالى بالامتحانات.. ولم أحضر منها حتى الآن سوى الأربعة أيام التالية وقد ذكرت هذه أسباب ذلك فى كتابتى عن اليوم الأخير..

يوم الجمعة 28 يناير 2011م:
فى ذلك اليوم كان من المقرر أن يكون هناك مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة.. وفى ذلك الوقت كنت أمتحن آخر مادة لى فى كلية التربية فى التأهيل التربوى..
خرجت مع زميلين لى من الكلية فى الساعة الرابعة، وأخذنا نبحث عن المظاهرة التى نعلم أنها سوف تخرج.
خرجنا لنجد لأول مرة فى تاريخنا.. الشارع فارغًا من الناس والسيارات من بعد شارع الثانوية وحتى المحافظة..
أخذنا نمشى فى طريقنا إلى المحافظة، ونحن نبحث عن المظاهرة فلا نجد مظاهرة.. بل فقط شوارع خالية.. فتذكرت حينها المشهد الذى يقول فيه الفنان خالد زكى فى فيلم "طباخ الرئيس": (وديتوا الشعب فين يا حازم؟؟؟؟).
وصلنا عند كوبرى طلخا.. وهنا تأكدنا أنه كان هناك مظاهرة تمر من هنا.. فقد وجدنا الصورة الكبيرة التى كانت تواجه كوبرى طلخا والتى فيها الرئيس مبارك وابنه جمال.. وجدناها على الأرض متقطعة إلى أجزاء صغيرة ولا يبقى من لمبات النيون التى كانت تضيئها أى لمبات سليمة..
وصلنا عند عمر أفندى.. فوجدنا الصورة الكبيرة للرئيس مبارك وقد حدث معها مثلما حدث مع الصورة التى تجمعه بإبنه..
وصلنا إلى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى.. والذى كان عليه صورتان للرئيس على جانبى الحزب وصورة ثالثة فوقه.. تلك الصور لم يعد لها وجود.. كما أن جملة "الحزب الوطنى الديمقراطى" التى كانت مكتوبة على مدخل الحزب قد اختفت تمامًا..
حتى الآن لم نرى المظاهرة.. وأعيننا ترى المحافظة من بعيد.. وليس هناك أحد.. أو هكذا كنا نظن..
وصلنا إلى هناك.. ودخلنا من جانب المحافظة حتى وجدنا أمام مبنى المحافظة جمهورًا عريضًا من شعب المنصورة.. ينادون بسقوط الطاغية مبارك..
كنا قد وصلنا فى حوالى الساعة الرابعة والنصف أو الخامسة.. وكان علينا قبل أن ندخل إلى المظاهرة أن نمر على صف من رجال الأمن المركز الذين كان يقفون فى صف قريبًا جدًا من الجمهور.. فألقينا عليهم السلام ودخلنا لنشاهد ونردد ما يرددون.. وكانت المظاهرة سلمية مئة فى المئة.. فلم يكن هناك سوى مناداة بسقوط النظام.. ولكن حدث من قوات الأمن ما جعلها مظاهرة غير سلمية..
كانت المظاهرة سلمية ولكن فجأة وجدنا من يصرخ من بيننا يطلب من الجميع أن يركض.. نظرنا إلى الخلف لنجد رجالًا من الأمن المركزى (أو ليسوا برجالًا) يلقون علينا من فوق أسطح إحدى البنايات القريبة من المحافظة.. الغازات المسيلة للدموع.. الرائحة تشبه كما لو كان كاوتشوك سيارة محروق ومأخوذًا دخانه وتم وضعه فى علبه صفيح.. هذا عن الرائحة أما عن التأثير فقد كان حرقان فى الأنف وسيلان ونوعًا من الاختناق.. ولسعا نفى جفن العين وفى العين أيضًا مع احمرارها احمرارًا شديدًا..
وكنت أظن حينا أن جميع الناس قد جاؤوا فى نفس الاتجاه الذى ذهبنا إليه.. حيث أخذنا نقذف بالطوب فى وجه رجال الأمن المركزى بينما كان يقومون بإلقاء القاذفات المسيلة للدموع علينا.. ولكننى اكتشفت فيما بعد أننا قد انقسمنا إلى جزئين.. جزء ذهب فى الاتجاه الذى جئنا منه حيث أحرقوا سيارة ملاكى وسيارة ربع نقل كانا أسفل مدخل المحافظة مما أحرق المدخل بالكامل، كما أحرقوا سيارة شرطة ربع نقل.. أما نحن ذهبنا فى الاتجاه الآخر.. ويبدوا أن ذهابًا فى هذا الاتجاه الآخر جعل الأمن المركزى ينشغلون بنا عن الذين أشعلوا النيران فى مدخل المحافظة..
أخذنا نبادل المقذوفات لأكثر من ساعات.. هم يقذفوننا بالغازات المسيلة ونحن نقذفهم بالطوب.. حتى فوجئنا باشتعال النار فى مبنى مديرية الأمن القديم.. وحينها بدأ رجال الأمن المركزى فى التقدم بخطواتهم نحونا حتى يرجعونا إلى الخلف ولم يكن أمامنا ونحن نشم رائحة الغاز المسيل للدموع كل قليل سوى أن نرجع.. فقد كان إلقاء الغازات المسيلة للدموع كما لو كانوا بجوار مصنع لتلك الغازات.. فقد تم إلقاء أكثر من 500 قنبلة مسيلة علينا فى ذلك اليوم.. هذا غير الرصاص المطاطى..
وما إن استطاعوا أن يجعلونا نرجع حتى شارع قناة السويس.. قد قمت بالرحيل وكانت الساعة السابعة والنصف..
كان من المفترض أن يلقى الرئيس بخطاب إلى الشعب فى الساعة السابعة ولكن ذلك لم يحدث وتأخر الخطاب حتى شاع بين الناس أنه قد هرب..
فى البيت كنت قد عدت متعبًا.. فدخلت لأنام.. وفى الساعة الثانية عشر قامت أختى بفتح باب غرفتى لكى أستمع إلى حوار الرئيس.. فوجدت صوته فى التلفاز يصلنى قائلًا: (لقد أعطيت الحرية للشباب).. فتذكرت القنابل المسيلة للدموع والذى لم يتوقفوا عن إطلاقها.. وتذكرت الرصاص المطاطى الذى أصاب البعض.. ورأيت دماء البعض تسيل من رؤوسها.. فقلت له فى قرارة نفسى: (إحنا هانبتديها كذب؟؟؟) فأكملت نومى ولم أستمع للخطاب..

السبت 29 يناير 2011م
فى ذلك اليوم بدأت المظاهرات تخرج عن الهدف الأساسى الذى خرجت من أجله وإنشغلت بالنبش فى داخل بيوت الدبابير وهم رجال الأمن المركزى..
ذهبت إلى المحافظة حوالى الساعة الخامسة لأجد المظاهرات ولكنى لم أجد الأمن المركزى الذى كان يحمى المحافظة بالأمس.. ورغم ذلك فكان الناس أنفسهم يمنعون أى شخص من التكسير فى مبنى المحافظة قائلين له بأن هذه أموالنا نحن ويجب علينا أن نحافظ عليها..
اتجهت المحافظة فقط إلى شارع قسم ثان.. والذى فيه قسم ثان شرطة المنصورة.. وأخذوا يقذفون بالحجارة فى رجال الأمن المركزى الذين يحمون القسم.. كان رجال الأمن المركزى يقذفون بالغازات المسيلة.. كان المتظاهرون ناحية عزبة الشال وكانوا بالمئات يقذفون رجال الأمن المركزى بالطوب.. بينما المتظاهرون الذين فى شارع قسم ثان نفسه (أى من الناحية الأخرى وكانوا ذات عدد قليل لا يتجاوز الخمسين شخص) يقذفون بزجاجات قديمة بها بنزين وفتيل من القماش بعد أن يضرموا النار فيها..
شاركت مع هؤلاء الذين فى ناحية عزبة الشال.. وشاركت مع هؤلاء الذين فى داخل قسم ثان.. وقد كان تعامل رجال الأمن المركزى مع من داخل شارع قسم ثانى هو الغازات المسيلة للدموع أيضًا ثم تطور الأمر بأن ألقوا علينا بالخراطيش..
لم أجد نفعًا مما نفعل.. فذهبت مستعدًا للرحيل.. وقد استرحت أمام شارع الأتوبيس القديم قليلًا.. ثم قررت فجأة قبل الرحيل أن أستطلع الأمر ناحية المحافظة.. وجدت الناس يجلسون هناك.. والسيارات تسير بكل سهولة ويسر فى ظل عدم وجود رجال المرور.. فلقد كان رجال المرور يعطلون المرور.. حين يقومون بإيقاف صف من السيارات لكى يمر صف آخر.. وما يلبث الصف الأول أن يكون قد ازدحم..
وصلت إلى المحافظة وهناك تكلمت مع بعض الشباب عن أوضاع البلد.. وما يمكن أن يحدث فيها فى ذلك المستقبل الغامض.. وما إن علمت أنه كان هناك دبابات تسير فى المنصورة منذ قليل.. وأن الجيش قد نزل إلى المنصورة حتى ذهب إلى ما خلف المحافظة لأراها.. وقد أخذ المتظاهرون حول الدبابات يستحثوهم على الإسراع لإنقاذ الناس فى شارع بورسعيد حيث هنا مبنى مديرية الأمن الجديد..
رأيت الناس يركبون حاملات الجنود (أو أوباظه كما يطلق عليها رجال الجيش) والتى تشبه الدبابة مع اختلاف السلاح فقط.. حيث أنه سلاح رشاش بدلًا من مدفعية قذائف.. فركبت معهم.. وتحركت الدبابات من مبنى المحافظة حتى وصلنا إلى عدن قبل الأمن المركزى بحوالى مائتى متر.. وهنا توقفت حاملات الجنود.. وظلت واقفة لمدة طويلة.. حتى سألت من كان يجلس بجانبى على الدبابة مداعبًا: (هو التوك توك ده مش ناوى يتحرك ولا إيه؟؟؟؟)
سألنا رجال الجيش: (لماذا لا تتحركون؟؟؟) وكانت الإجابة هى أنهم لم تصل إليهم الأوامر بالضرب..
كنت قد نزلت من فوق حاملات الجنود لأقف على جانب الشارع بعد أن أمرنا أحد أفراد الدبابة بالنزول حتى يستطيعوا التقدم.. نزلت ووقفت بجوار أحد محلات الزهور.. وكان بابه من الزجاج.. فسألت أحد العاملين فيه: (هو المحل مالوش باب حديد ولا إيه؟؟؟)... فأجابنى: (ما كناش وقفنا كدة؟؟؟.. ده إحنا مش عارفين ننام من امبارح)
كان الناس يقفون على بعد مائتى متر من رجال الأمن المركزى ويلتف معظمهم حول الدبابات.. ويبدوا أن خبر عدم تلقى قوات الجيش أوامر بالضرب قد وصل إلى هناك.. ففجأة جاء وابلًا من الخراطيش المنطلقة نحونا مع غازات مسيلة للدموع.. فدخلت إلى داخل محل الورد حتى توقف إطلاق الخراطيش فخرجت لأجد أمامى بعض الشباب يحملون جثتين أمامى ليدخلوا بهما إلى محل كوافير رجالى بجانب الشارع ويقومون بمحاولة إسعافهما حتى تأتى الإسعاف.. وقد جاءت الإسعاف وحملتهم.. ولكننا عرفنا أنها قد أخذتهم أمواتًا وليسا أحياء..
عند هذا الحد.. الجيش يقف وليس معه أى أوامر بالتحرك.. والناس متجمهرون.. والأمن المركزى يقف ليحمى عش الدبابير (مديرية الأمن).. ولا جديد..
رجعت فى طريقى إلى البيت.. فمررت فى الطريق على مقر الحزب الوطنى الديمقراطى.. الذى لم يعد حزبًا.. ولم يعد يصلح كمقر.. فقد دخلته وعند دخولى قلت: (ما دخلتوش وهو سليم أدخله وهو محروق).. كان المتظاهرون قد أحرقوه بالأمس.. وكان هناك بعض الأخشاب لم تحترق فى مكتبة الحزب فأحرقوها.. وقد شاركت فى الحريق بعدما تأكدت أنه ليس هناك كتبًا بالداخل.. بل ليس هناك بلاطًا على الأرض من الأساس.. فقد تم تخريب كل شئ فيه بالأمس.. ووجدت بعض الشباب الفقراء يسرقون أسلاك الكهرباء ومقابض الأبواب النحاسية.. حيث أن النحاس يمكن بيعه بثمن جيد..
أخذت أشارك فى إحراق المكتبة الخاوية من الكتب.. (ثم عرفت بعد ذلك يوم الإثنين 31 يناير أن الكتب لم تكن فى المكتبة ولكنها كانت قد احترق جزء كبير منها فى غرفة تسبق المكتبة أما المكتبة فكانت خاوية).. وكان هناك بعض الأخشاب وبقايا صور الرئيس الملقاة على الأرض فأحملها بيدها وأذهب بها فى اتجاه الحزب.. وألقيها إلى داخل الحزب من شباك تتصاعد منه النيران وأنا أقول لمن حولى: (يا جماعة.. حاجة الحزب ترجع للحزب)

الإثنين 31 يناير 2011م
أحد البنوك الخاصة يقف أمامه حاملة جنود
كان يوم الإستعداد للمظاهرة المليونية فى اليوم التالى.. كانوا يجمعون الجماهير الحاشدة من أجل مظاهرة الغد..
نزلت إلى المنصورة فى الساعة الرابعة تقريبًا.. خرجت من شارع الدراسات لأجد أحد البنوك الخاصة تقف أمامه حاملة جنود.. ويتم تغطية زجاج البنك بالصاج لحمايته..
وجدت المظاهرة قادمة من ناحية المحافظة فى اتجاه شارع قسم ثان.. ولكنها لم تشتبك مع رجال الأمن المركزى أو الشرطة مثلما حدث يوم السبت ولكنها استدارت فى طريقها من هناك بينما كان هناك عند شارع قسم ثان حاملة جنود ودبابة..


يتم تغطية زجاج البنك الخاص بالصاخ



كان عدد المتظاهرون فى المظاهرة كبير جداُ.. لدرجة أننى كنت أتساءل بينى وبين نفسى: (إذا كانت مظاهرة اليوم سيكون فيها مليون شخص.. فكم يكون المتظاهرون اليوم).. ورغم هذا العدد الكبير من المتظاهرون فإن العدد كان يتزايد كلما إستمرت مسيرة المظاهرة..
أنا وزميل الدراسة عبد الرحمن فى المظاهرة
جماهير غفيرة فى المظاهرة.. إستعداداً للمظاهرة المليونية
إحدى اللوحات التى كتبها أحد الشباب مطالباً الرئيس بالرحيل
الحزب الوطنى وقد إحترق ولم يعد به شبابيك ولا حتى بلاط ولا أى حاجة خالص

بجانب حاملة جنود امام بنك مصر فى الجانب الآخر من الطريق
دبابة أمام قصر الثقافة فى الجانب الآخر من الطريق
انعطفت المظاهرة من جانب مديرية الشرطة القديمة لتسير فى اتجاه قناة السويس.. ووصلت إلى منطقة المعسكر فى جديلة.. ثم استدارت فى لتسير فى الاتجاه المعاكس فى شارع قناة السويس.. ثم لتمر بجوار المحافظة وتدخل من شارع بجوار الإسكان وكانت الساعة قد وصلت للسادسة.. ولا تسير من طريق البحر (وذلك لأن الشوارع بها عدد من البيوت أكثر من شارع البحر.. فكان الدافع هو تجميع المتظاهرون وإنزالهم من بيوتهم للمشاركة).. كانت المظاهرة تسير بجوار البيوت وهم ينادون: (انزلوا من بيوتكم.. عايزين نجيب حقوقكم).. وصلت المظاهرة إلى شارع بنك مصر.. ومرت من هناك لتسير فى شارع حسين بك.. ثم تسير من شارع الجمعية الشرعية ليقوم المصلين بأداء صلاة العشاء.. ثم تدخل المظاهرة إلى شارع الجلاء.. وتسير فيه حتى نهايته.. وتصل إلى كلية التربية.. وعند كلية التربية تقوم بالإنحناء ناحية شارع الترعة.. وفى ذلك الوقت كنت قد تعبت من السير فقررت العودة ولكن قبل العودة قررت أن أذهب لأشاهد ما حدث فى مديرية الأمن عند كوبرى طلخا.. بينما سارت المظاهرة فى شارع الترعة وسارت حتى تصل إلى المحافظة مرة أخرى..
أمام الدبابة
ذهبت إلى مديرية الأمن وكنت أظن أنه قد تم تخريبها بعد أن تركها ضباط الأمن المركزى.. وانسحبوا من مواقعهم.. ولكننى قد وجدت أمرًا مختلفًا.. فقد عاد رجال الأمن المركزى بصورة لم أشاهدها من قبل.. كانت سيارات الأمن المركزى الكثيرة تقف أمام المبنى مع كم كبير من رجال الأمن المركزى بصورة توحى أنه سوف تقع فى الغد مجزرة بين رجال الأمن المركزى والمتظاهرون.. إلا أننى قد أخطأت الاعتقاد مرة أخرى..
استكملت سيرى عائدًا.. حتى رأيت حاملتين للجنود عند السنترال.. واحدة فى أول الطريق.. والأخرى على الطرف الأخر من الطريق.. فذهبت إلى تلك التى على الطرف الآخر.. وأخذت ألتقط بعض الصور لى وأنا بجوارها.. وأخذت أتحدث مع أحد رجال الجيش الذى كان هناك وعرفت منه أنه من أسيوط.. وأنهم جاءوا إلى المنصورة من الإسماعيلية.. أما بالنسبة لحاملة الجنود فعرفنا من أحد الأشخاص الواقفين والذين لم يكن من الجيش ولكنه كان فى الجيش فى يومًا من الأيام.. بأن الرشاش الذى على حاملة الجنود يقوم بإطلاق 240 طلقة فى الدقيقة وأن الطلقة طولها حوالى 15 سم وعرضها حوالى 2 سم.. وقد صادق الجنود الواقفين على ما يقول.. وعلى العموم فهذه ليس أسرارًا حربية.. فحاملات الجنود والدبابات أيضًا قد خرجت إلى الشارع ويراها الجميع أمامهم، هذا غير أن هذه الدبابات قد شاركت فى حرب أكتوبر وأنها معدات حربية قديمة وأن الحديث منها لا يراها أحد بل يتدرب الجنود على القديم فكلاهما يعتمدان على نفس الفكرة فى القيادة مع الاختلاف فى الإمكانيات بالتأكيد..
استكملت سيرى والتقطت صور لى بجوار دبابة كانت بالقرب من عمر أفندى.. كما فعلت ذلك أيضًا عند حاملات الجنود عند المحافظة التى وجدت المظاهرة كانت قد وصلت هناك.. ولكن العدد الذى كان فيها كان قد قل فكان الوقت قد تأخر وعاد معظمهم إلى بيوتهم..

الثلاثاء 1 فبراير 2011م
المظاهرات تحيد عن الأهداف الرئيسية لها
المظاهرات أصبحت بالقرب من المحافظة.. وقد فقدت أهدافها الرئيسية
فى ذلك اليوم ذهبت إلى المنصورة لأجد المظاهرة عبارة عن تجمع عند المحافظة.. فهى مظاهرة واقفة لا تسير مثلما حدث بالأمس.. ولذلك كان من يأتى يمشى بعدها بقليل، حيث لا يوجد جديد.. وكذلك فعلت أنا أيضًا.. فقمت بترك هذه التجمع الذى لم يكن مثل تجمع الأمس.. وذهبت إلى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى أو ما بقى منه لأقوم بالتقاط بعض الصور له لم أستطع أن ألتقطها له بالأمس بسبب الظلام..
الحزب الوطنى من الداخل.. وتبدوا الكتب محرقة بداخله
دخلت إلى الحزب وأخذت أنظر على الأوراق التى لم تحترق به.. وكانت معظم الكتب المحترقة هى كتب فى التربية وتاريخ التربية والتربية الإسلامية والمسيحية وغيرها وعلم النفس وكتب فى تعليم القراءة وتعليم الدفاع عن النفس.. ولما وجدت أن معظم الكتب فى التربية قلت لبعض الواقفين بجانبى: (معظمها كتب فى التربية.. يظهر إن الحزب كان بيتعلم فيها إزاى يربينا.. لحد ما زهقنا من التربية فعملنا الثورة)..
بينما كنت أفتش فى الكتب المحترقة عن كتب سليمة مفيدة.. وجدت صوت أحد الأشخاص يقول بصوت عالى: (الدليل على إن النار ما تحرقش مؤمن.. صورة جمال عبد الناصر).. خرجت لأجد بيده صوره للرئيس جمال عبد الناصر كانت ضمن أحد الكتب.. وقد احترقت أطراف الورقة ولكنها لم تطل صورة الزعيم.. وقال أحد الأشخاص: (وإيه إللى جابها هنا فى الحزب الوطنى.. دى أكيد جت هنا غلط)..
النار لا تحرق مؤمن.. هكذا صاح أحد الأشخاص حين وجد هذه الصورة
قمت بتجميع بعض الأوراق من الكتب التى لم تحترق بالكامل.. فحملت جزء من كتاب عن تاريخ التربية وآخر يتكلم عن تاريخ العلاقات بين الدول الأجنبية والحرب العالمية الثانية وغيرها وبعض صفحات من كتاب معلومات عامة..
بعد ذلك قمت بالتجول فى المنصورة تجولًا عاديًا ثم عدت إلى التجمع الذى كان أمام المحافظة لأراه كما هو.. وإن كنت قد رأيت أحد الأشخاص يحمل صورة الرئيس جمال عبد الناصر.. والذى كان رغم اتسام عهده ببعض الديكتاتورية وعدم تجرأ أحد على العيب فى رئيس الجمهورية.. إلا أنه كان يعمل فى صالح أبناء مصر.. وكم من المرات أقال فيها وزراء للتموين بسبب ارتفاع الأسعار ملاليم قليلة.. ومات وهو لا يملك سوى منزله الذى كان يعيش فيه بالإيجار..
لم تعد المظاهرات تـَعرف ما الذى تريده بالضبط.. كانت فى البداية تريد رحيل مبارك.. والآن ترفع لوحات تطالب بإعدام مبارك والمسؤولين.. ووهناك من يرفع يافتات يطلب فيها وظيفة.. ومن يطالب بحد أدنى للأجور.. إلخ.. وكثرة الطلبات تفقد الثورة معناها وتعطى للنظام شرعية.. فإذا كنت تريد ثورة لإسقاط النظام فبأى منطق تطلب منه زيادة مرتبات أو وظيفة.. إلخ.. إن الهدف الأساسى هو إن الرئيس يرحل سواء كان سيرحل ليعيش فى مصر أو يرحل بره مصر.. ثم بعد ذلك تأتى الطلبات فى ظل نظام ديمقراطى جديد.. وهذا ما يفهمه ويصر عليه الشباب المعتصمون فى ميدان التحرير.. ولكن هناك من يدخل إلى المظاهرات ويندس بين ثوارها من أجل طلبات شخصية أو طلبات لا يصح أن نطلبها من نظام فاقد للشرعية.. كما أن كثرة الطلبات تـُضَيـِع الأهداف..
ولقد أصبح هناك تبلبلًا فى الآراء بين الناس.. حول من الذى يمكن أن يمسك بالرئاسة.. وهل يرحل مبارك الآن مثلما يصر شعب مصر أم ينتظر حتى ينهى فترة حكمه بعد عدة أشهر مثلما يصر أعوان النظام.. وغيرها من الآراء والتساؤلات التى ترى مستقبلًا غامضًا لهذا البلد العظيم (مصر)..


ملاحظات:
- ليس هناك مراجع فكلها مشاهدات رأيتها بنفسى.
- بخصوص اليومين 28 و 29 يناير.. لم يتوفر معى وقتها محمول لأصور به ما رأيت.. فعذراً لعدم توفر صور لدى عن هذين اليومين.
- لم أستطع نشر كل الصور فى المقال لضيق المساحة.. يمكن رؤية باقى الصور على ألبومى فى الفيس بوك.

المنصورة الإثنين 31 يناير 2011م



الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

الملك زوسر.. مؤسس الأسرة الثالثة

الملك زوسر.. مؤسس الأسرة الثالثة



إعداد الباحث: أشرف السيد الشربينى


هو الملك نترى خنت المعروف باسم (زوسر  Djoser),  ويعد زوسر هو مؤسس الأسرة الثالثة, والذى دام حكمه نحو 29 سنة, حيث حكم مصر من 2630ق.م. – 2611ق.م, وهناك أقوال عن أنه كان الملك الذى عاصره سيدنا يوسف الصديق عليه السلام وفسر له رؤياه, (ولهذا بحث آخر سيتم إعداده بإذن الله عن عصر يوسف الصديق).

 ويعد "زوسر" أول ملك بنى لنفسه مقبرتين:
المقبرة الأولى: بصفته ملكاً للوجه القبلى وكانت على شكل مصطبة ضخمة من اللبن مجهزة بمنحدر عميق وتتبعها عدة حجرات تحت الأرض وهى واقعة فى شمال العرابة المدفونة فى بيت خلاف, وفى هذه المقبرة تم بناء حجرة من الحجر الجيرى, غير أنه على ما يظهر لم يرض بأن تكون مقره الأخير فقام ببناء المقبرة الثانية (هرم زوسر المدرج).

هرم زوسر المدرج:
أما المقبرة الثانية: وهى (هرم زوسر المدرج) فقد قام المهندس المعمارى والوزير العظيم "إمحوتب" ببنائها له عام 2800ق.م بإعتباره ملكاً للوجه البحرى, وقد قام "إمحوتب" ببنائها على الهضبة التى فيها جبانة "منف" وهى المعروفة الآن "بسقارة" التى كانت تعتبر من هذا العصر مهبط العبادة والمقر الأخير لبعض الملوك كما أثبتت ذلك الكشوف الحديثة, وقد تم بنائها على شكل مصاطب مربعة ومتدرجة, وهذه المقبرة تعد أقدم هرم عرف إلى الآن فى التاريخ ويقول بعض علماء الآثار إن هذا البناء هو الحلقة المتوسطة بين المصطبة والهرم الحقيقى, هذا إلى أنها كانت على مقربة من محاجر طرة حيث كان من السهل قطع الأحجار الجميلة لبناء القبور والمعابد, وكذلك كانت قريبة من مقر حكمه.
ويتكون هرم "زوسر" من ست مصاطب وطوله 200 قدم (حوالى 60 متراً) وكل مصطبه أصغر حجماً من التى تحتها لذلك يسمى بـ (هرم زوسر المدرج), وتدل الظواهر على أنه أقام لنفسه مصطبة من الحجر الجيرى المحلى المهذب, ثم بنى فوقها ثانبة أصغر مساحة, ثم ثالثة أقل مساحة من الثانية وهكذا, حتى بلغ عدد المصاطب سبعاً بعضها فوق بعض, غير أن تغالب الدهور قد أغار على السابقة منها فمحاها من الوجود, ولم يبق منها إلا ما يدل على أثرها. وقد أطلق على هذا المبنى خطأ إسم (الهرم المدرج) إذ أن شكله لا ينطبق تماماً على مدلول الهرم الحقيقى. ولا غرابة فى أن "زوسر" رفع بنيان قبره إلى هذا الحد, لأن فى ذلك معنى عميقاً, إذ كان يريد علواً فى الممات كما كان فى الحياة. فكان غرضه أن يشرف قبره على قبور رجال بلاطه, وعظماء دولته, التى كانت حول قبره, ويكون أول بناء ترسل الشمس أشعتها عليه من كل جوانبه عندما تشرق فى الصباح, وبخاصة إذا علمنا أن الإله الأعظم لهذه المنطقة فى هذا العصر هو الإله "آتوم" الذى أصبح فيما بعد إله الشمس بكب معانيها.
وقد أسفرت البحوث الأثرية التى قام بها علماء الآثار فى الجزء الأسفل تحت الهرم المدرج, وما حوله عن معلومات وثروة أثرية لا تقدر بقيمة. فقد عثر فى جوف الصخر الذى تحت مسطح الهرم, على حجرة الدفن العظيمة المكسوة بالجرانيت, وعلى حجرتين مرصعتين بألواح صغيرة من القاشانى الأزرق, وقد كانتا معروفتين منذ زمن بعيد. وتعد الطريقة الفنية الحاذقة التى نسقت بها هذه الألواح فى الملاط بالغة حد الإعجاب والدهشة ودالة على ما وصل إليه القوم من المهارة الفنية فى هذا العصر, وهذه الألواح كان سطحها الخارجى مقوساً بعض الشئ, وكان فى ظهر كل منها ثقبان صغيران, يوضع فيهما خيط من القنب يلصق بالملاط. وقد أمكن بالألقاب الرسمية التى وجدت منقوشة على إطارى باب الحجرتين, أن نحدد بالضبط تاريخهما, ولكن أحد ولكن أحد علماء الآثار قد شك فى لون القاشانى الأزرق, والمهارة العظيمة التى رصعت بها هذه الألواح, وكذلك إسم الملك "زوسر الحورى" "نبت معات" يرجع تاريخها إلى عصر هذا الملك. وفى إعتقاده أن هذه ترميمات, وإصلاحات عملت فى عهد الأسرة السادسة والعشرين, أى فى عهد النهضة المصرية الأخيرة. غير أن هذا الرأى قد دحض نهائياً بالكشوف الحديثة, ولم يأخذ به أحد من العلماء. وذلك لأنه فى عام 1927 عثر فى الجهة الجنوبية من الهرم فى جوف الأرض, على مقبرة أخرى تحتوى على حجرة دفن من الجرانيت, وعلى عدد عظيم من الممرات والحجر المستطيلة الشكل معظمها مزين بألواح من القاشانى مشابهة لما وجد فى المقبرة الأولى, ووجد منقوشاً على إطارات الأبواب "نترخت", وهو لقب الملك "زوسر", ووجد فى إحدى الحجر ثلاث لوحات كل منها على شكل الباب الوهمى, وعلى كل مثل الملك "زوسر". ولا نزاع إذن أن هذا القبر هو لمؤسس الأسرة الثالثة.
 وقد قام بتقليد هذا البناء ابنة زوسر الثانى وآخرون وربما كان الملك حونى آخر ملوك الأسرة الثالثة هو من حاول ان يشيد بناء شبيها فكان هرم ميدوم ثم جاء سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة فبنى مهندسوه هرمى دهشور وكانت عملية بناء الهرمين هى المدرسة العملية التى أهلت مهندسى ابنه خوفو لبناء هرم الجيزة الأكبر وتجنبوا هذه المرة اخطاء سابقيه ثم توالى بناء الأهرامات‏.‏
وبناء هرم زوسر يعتبر رمزاً.. فقد جاء مئات العمال من كل أنحاء مصر لبنائه تأكيداً على وحدة مصر.

زوسر وأول تعديلات دستورية:
كان "زوسر" أول حاكم يصدر ما يسمى "بتعديلات دستورية" أو "حِب ست" وهى مجموعة من التعديلات شملت 13 مادة جاءت فى المقام الأول لتحدد صلاحيات الحاكم والتنازل عن بعض هذه الصلاحيات لرئيس البلاط الملكى "رئيس ديوان رئاسة الجمهورية حالياً" وللكاهن الأعظم "رئيس الوزراء الحالى" بالإضافة إلى وضع حد أقصى لفترة الحكم والتى كانت بلا سقف إذ تنتهى بموت الحاكم، وكان هذا السقف ثلاثين عاما ويتم الاحتفال بالملك عند إتمامه هذه المدة.

الجيش فى عهد الملك زوسر:
بدأ يكون للبلاد جيشاً ثابتاً منظماً منذ أوائل الأسرة الثالثة, وليس لدينا من الآثار ما يدلنا على وجود جيش موحد لكل البلاد المصرية قبل عهد "زوسر" وذلك لقلة المصادر, ومما لا نزاع فيه أنه كان لملك الدلتا جيش, وكذلك كان لملك مصر العليا جيش, ولكن يغلب على الظن أن جنود كل جيش لم يكونوا خاضعين للملك. بل كانوا يجندون من المقاطعات, التى كانت مقسمة إليها البلاد فى هذا العصر وكان يقود جند كل مقاطعة حاكمها لمساعدة مليكه وقت الحرب.
ولما تولى "زوسر" حكم البلاد, ووطد السلطة الإدارية فى يده, كان لابد له من جيش قائم فى البلاد ليمكنه من القبض على ناصية الحال فى داخل البلاد وخارجها, وفعلاً عثر على نقوش فى عصره تثبت وجود مصلحة خاصة لإدارة شئون الجيش.
وكان أهم ما عنى به هو حماية البلاد من الغارت الأجنبية, التى كانت تجتاح البلاد من أطرافها, وبخاصة من أهل البدو. ولذلك قسم حدود البلاد إلى مناطق أطلق عليها إسم (أبواب المملكة) وجعل فى كل منها حامية, وهذ التسمية تنم عما يقصد بها أى أنها كانت المواطن التى يمكن أن ينفذ منها العدو إلى داخل القطر. وقد نصب على كل من هذه حاكم خاص يلقب (مرشد الأرض) "سشم تا" وقد كان لهؤلاء الحكام, الكلمة العليا على حكام المقاطعات, وكان فى يدهم إدارة الشرطة كل فى منطقته, ولذلك كانوا مسئولين عن النظام والأمن فى هذه المناطق التى لا يمكن البلاد أن تعيش فى أمان إلا فى ظلها.
ومن أجل ذلك وضعت حاميات ثابتة للمحافظة على الحدود تحت سلطة هؤلاء الحكام (مرشدى الأرض) مباشرة, وقد أقيمت لها المعاقل وكان لكل معقل إدارة عسكرية خاصة, فكان له مخازن غلاله الخاصة التى بها يمكنه أن يقاوم إذا حوصر.
وعلى ما يظهر أن مصر كانت تحصن النقط الضعيفة فى حدودها بإقامة أسوار ضخمة عظيمة الإمتداد, من ذلك يروى أن الملك "زوسر" أقام سوراً من أسوان إلى الفيلة يبلغ طوله نحو 12 كيلو متر ليضمن سلامة حدوده الجنوبية.
ووما يدل على حرص فراعنة هذه الأسرة على حفظ النظام فى داخل البلاد والقضاء على الخصومات التى كانت تقوم بين الوجه القبلى والوجه البحرى, ما أقامه ملوكها من الحصون لكبح جماع أى عصيان أو ثورة داخلية, ولا أدل على ذلك من القلعة التى بناها "زوسر" وأطلق عليها إسم "بطولة البحرين".

بعض آثار زوسر:
وقد عثر على تمثال جميل للملك زوسر فى سردابه, وكذلك كشف عن عدة مبان له وبخاصة معبده الجنازى ومقبرة إبنتيه, وهذه المبانى تضع المهندس الذى وضع تصميمها فى أعلى مرتبة من الشرف والعلم.
وكذلك تشهد للعمال الذين كانوا يقومون بتنفيذها بالمهارة. والواقع أننا أمام هذه المبانى نشاهد أول خطوة إنتقال فى تاريخ فن المعمار فى تصميم البناء بالأحجار فى وادى النيل, إذ نرى عمدها مضلعة تشبه العمد الدوريكية فى الفن الإغريقى ومزخرفة بزخرف نباتى, ولكننا نشك فى أن روح تلك المبانى منقولة بذاتها عن المبانى التى أقيمت بالخشب واللبن فى عهد الأسرتين الأولى والثانية, وهذا المعمار الذى يعتبر كأنه نوع من النجارة الدقيقة هو الحد الفاصل بين البناء الأولى باللبن والبناء بالأحجار الضخمة التى ساد إستعمالها وبلغت قمتها فى الأسرة الرابعة فى بناء الأهرام والمصاطب. وقد أرسل "زوسر" حملات إلى المحاجر والمناجم فى شبه جزيرة سيناء لإحضار النحاس والفيروز.
ويعد "زوسر" أول ملك توغل فى نوبيا السفلى فيما وراء الشلال إلى المحرقة فى منتصف الطريق إلى الشلال الثانى. وهو الذى ينسب إليه اليونان فتح الإقليم المعروف بإسم "دوديكاشين" أى المنطقة التى تبلغ نحو 143 كيلو متراً من الفنتين فصاعداً.
وقد عثر فى دهاليز هرمه المدرج على أوان من الأحجار الصلبة من المرمر والجرانيت والديوريت والإردواز وغيرها من أنواع الأحجار الصلبة النادرة ويبلغ عددها أكثر من ثلاثين ألفاً غير أن معظمها وجد مهشماً وربما يرجع ذلك إلى زلزال أرضى أو إلى أنها قد كسرت عمداً لأسباب جنائزية. وقد وجد بين هذه الأوانى أشكال تنم عن منتهى الرقى فى دقة الفن وحسن الذوق والأناقة والتنسيق إلى حد يعجز القلم عن وصفه, وقد وجد على بعضها أسماء الأشخاص الذين أهدوها إلى الملك مكتوبة بالمداد الأسود, ولا نكون مغالين إذ قلنا إن قطع الحجر اللازم لصنع بعض الأوانى الكبيرة وتنسيقها ربما إستغرق عاماً كاملاً من مجهود صانع واحد. وقد كان لهذا الكشف أثر عظيم فى تحويل آراء علماء الآثار إلى الأهرام الكبيرة وعما عساه أن يوجد فيها من المخلفات.

المراجع:
موسوعة: مصر القديمة جزء1 , 2   سليم حسن  مكتبة الأسرة 2000 الهيئة العامة المصرية للكتاب
جريدة المصرى اليوم   الجمعة 23 فبراير 2007م