‏إظهار الرسائل ذات التسميات أخبار اليوم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أخبار اليوم. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 29 نوفمبر 2019

أبو الهول ليس له "خليلة"!

أبو الهول ليس له "خليلة"!
زاهى حواس
أخبار اليوم السبت 15 ديسمبر 2007م - 6 من ذى الحجة 1428هـ

من المعروف أن أى عالم آثار أو مؤرخ تأتى إلى ذهنه فكرة علمية أو كشف يقوم بنشر مقال علمى فى إحدى المجلات العلمية المتخصصة للتدليل على رأه على أن يكون مدعما بالمستندات العلمية سواء اللغوية أو الأثرية ولكن أحد الهواة من غواة الشهرة يخرج علينا دائما بموضوعات تنشر فى الصحف عن وجود أبو الهول الثانى إلى الجنوب من أبو الهول الحالى.
وطبعا هذا الهاوى يود أن أذكر اسمه ولكن لن أنوله هذا الشرف وسبب أننى أناقش هذا الموضوع اليوم إلى أنه يحاول دائما إثارة هذا الموضوع عن وجود هذا التمثال الوهمى ويسكت فترة ويخرج علينا برأى آخر أن أبو الهول الخالى سوف ينتهى تماما خلال 60 يوما وللأسف الشديد فقد قام أحد المحررين بإحدى المجلات الأسبوعية بنشر هذا الموضوع وقالوا عنه أنه متخصص وللأسف الشديد فهو لا يحمل أى مؤهلات علمية بل معلومات توفر له الفرصة للشرح للسائح الذى لا يوجد لديه أى معلومات عن الآثار ومن الغريب أن بعض المحطات الفضائية ناقشت هذا الموضوع ونحن فى انتظار انتهاء الـ 60 يوما ولكن اطمئن الناس فى كل مكان أن أبو الهول بخير ولن يتأثر بهذه الهواجس أو الإثارة التى يبغى من ورائها هذا الشخص الإثارة والهوس. ومرة أخرى يقول بان هناك برديات بالمتحف البريطانى سوف تغير حين ترجمتها فى التاريخ المصرى القديم وهو لا يعرف أصلا اللغة المصرية القديمة والمعلومات التى درسها تتساوى مع معلومات طالب بالسنة الأولى فى كلية الآثار وهو لا يعرف أن علماء اللغة فى مصر والعالم كله تعرف ما هو موجود فى برديات بالمتحف البريطانى ولا يوجد بردية واحدة بالمتحف يمكن أن تغير التاريخ.
أما الرأى الآخر فى وجود أبو الهول الثانى فهو رأى لا يمت للعلم بصلة إطلاقا وكل الأدلة التى أعلنت عبارة عن تخاريف علمية لا تمت للواقع بل هى وحى هذا الشخص الذى يبحث عن دور وللأسف يجد من يصدقه وهذا يؤثر على العامة غير المتخصصين ولكن العلماء قد ينظرون إليه بغير اهتمام. ولكن ما أثار فزعى هو خروج هذا الموضوع على صفحات الصحف والمجلات على أنه كشف جديد ومن متخصص وهذا ليس كشفا جديدا ومن غير متخصص. وللأسف الشديد أن هذا الشخص الهاوى لم يحاول أن أن يقتنع بأن ما يقوله مصيره سلة مهملات التاريخ.
وهنا وللمرة الأخيرة سوف أناقش هذا الموضوع الذى يثير وجود أبو الهول آخر "أنثى" مواز ومساو فى الحجم لـ أبو الهول الحالى "الذكر" وهذا التمثال المزعوم يقع إلى الجنوب من الطريق الصاعد الخاص بالهرم الثانى. وطبعا واضح الخيال تماما مثل الخيال فيما يقال أن أبو الهول سوف يختفى فى 60 يوما وأود أيضا أن دراسة الآثار غير شرحها للسائحين وأيضا دراسة الآثار لا تعنى شرحها لأن المرشد السياحى يدخل المقبرة آلاف المرات وقد يشرحها بتمكن أكثر من أستاذ الآثار ولذلك يبدو أن الخيال قد جنح بهذا الشخص بهدف أن ينتشر أو يعرفه الناس ولكن ليس على حساب الآثار.
هناك أربع نقاط اعتمد عليها ولا توجد نقطة واحدة منها لها صلة بالعلم أو المنطق بل هى من وحى الخيال لكى يجد لنفسه مكانا بين الباحثين ولو استمر مئات السنين على هذا النحو وبهذه الطريقة فلن يصل إلى ما يصبو إليه ولن يعرفه أخد فقد يعرفه مجموعة السائحين الذين يقابلهم ولكن بعد أن يسافروا إلى بلادهم سوف ينسونه تماما وحتى لن يعلقوا اسمه على شمعة ولذلك يجب أن يعقل ويتأنى ويعرف أننا أمام حضارة لا تحتاج إلى التشكيك وأن أبو الهول يجب أن يكون بعيدا عن العبث والفرقعة الإعلامية.
ويحاول المذكور أن يؤكد زعمه بأن الفن المصرى القديم يحافظ على السيمترية أو الأرمونية فى الشكل ولذلك يعتقد أنه ما دام هناك تمثال لأبو الهول فى الناحية الشمالية من الطريق الصاعد لابد أن يكون هناك تمثال آخر فى الجنوب يشير إلى أن ذلك موجود فى مداخل المعابد.
وقد اعتمد المصرى القديم على السيمترية فى الفن. وقد نجد السيمترية موجودة فى لوحة الحلم أو لوحة الإحصاء التى يطلق عليها أيضا لوحة "ابنة خوفو". ومن المعروف أن الأولى ترجع إلى الدولة الحديثة أى بعد بناء أبو الهول بمدة طويلة والثانية ترجع إلى الأسرة 26. بالتالى إذا كان هناك تمثالان لأبو الهول مصوران على لوحة الحلم فهذا لا يعنى إطلاقا وجود تمثال آخر لأبو الهول مواز للتمثال الأول. ووجود تمثالين لأبو الهول على لوحة الحلم له معنى دينى يشير إلى أن ملك مصر يقدم القرابين لأوب الهول مرة عند مشرق الشمس ومرة أخرى عند غروبها وهذا بالفعل نجده داخل معبد أوب الهول الواقع أمامه مباشرة حيث توجد مقصورة شرقية خاصة بالطقوس التى تقدم مع شروق الشمس وأخرى غربية خاصة بطقوس غروب الشمس هذا ويؤكد النص الممثل على اللوحة أن الأمير تحتمس يقدم القرابين إلى أبو الهول واحد هو "حور إم أخت" أى "حورس فى الأفق" وليس هناك أى أى ذكر فى لوحة الحلم عن وجود تمثالين لأبو الهول فى منطقة الجيزة.
لم الحديث عن أن معبد الوادى كان هو المعبد المخصص لعبادة أبو الهول الثانى "الأنثى" فهذا موضوع لا يتفق مع أبط قواعد علم الآثار المصرية لأن المجموعة الهرمية منذ الأسرة الرابعة وحتى الدولة الوسطى تتكون من عناصر هامة متصلة بالهرم ومن هذه العناصر معبد الوادى المحدد مكانه ووظيفته وهذا المعبد يعتبر مدخلا للمجموعة الهرمية وكانت عبادة الملك كـ "حورس" تقام داخل هذا المعبد ومتصل بميناء وقناة تتصل بنهر النيل. أما معبد أبو الهول والواقع أمام التمثال مباشرة فله وظيفة محددة متصلة بأبو الهول.
وهنا نقطة هامة يجب مراعاتها أن وضع أبو الهول الحالى ومعبده قد نشأ فى ظروف جديدة متصلة بالديانة المصرية وخاصة لأننا نعتقد أن الملك "خوفو" قد خالف العقائد المصرية المعروفة ونصب نفسه إلها أثناء حياته أى هو "رع" ولذلك فقد نحت "خفرع" هذا التمثال بكى يمثله كـ "حورس" وهو يتعبد بمخلبيه لإله الشمس "رع، خوفو" الذى يشرق ويغرب من المعبد الواقع أمامه أى أن الحالة فريدة لم تتكرر فى التاريخ المصرى إطلاقا ولذلك لا يجب أن نشير إلى وجود خليلة لأبو الهول.
أما لوحة الإحصاء لوحة ابن "خوفو" والذى يعتمد عليها صاحب هذه النظرية فهى لوحة ليس لها صلة بالدولة القديمة إطلاقا بل كتبت فى 500ق.م، وهذه اللوحة عثر عليها أوجست ماريين فى أوائل القرن التاسع عشر داخل معبد "إيزيس" الذى يقع إلى الشرق مع هرم الملكة "حنوتسن". هذا المعبد كان أصلا باسم عصر النهضة أو العصر الصاوى وهو عصر عرف بالعودة إلى إحياء آثار وفنون وتقاليد الماضى أى الدولة القديمة وما بعدها والنص المسجل على اللوحة يقول هو "خوفو" الذى عثر على أبو الهول ومعبد "إيزيس" وبعد ترجمة هذا النص احتار علماء الآثار كيف يعثر "خوفو" على أبو الهول وهذا معناه أن التمثال يعود إلى ما قبل عصر الملك "خوفو" ولكن اتضح من دراسة اللغة أن النص يعود بقواعده وشكل الكتابة إلى هذا العصر واعتقد البعض أنه نسخة من أصل قديم ولكن فى النهاية اتضح للعلماء أن كهنة "إيزيس" كانوا يحاولون إضافة قدم وأصالة إلى معبد الآلهة "إيزيس" ولذلك وضعوا اسم أبو الهول ولدينا العديد من الأمثلة المعروفة فى التاريخ المصرى القديم التى تؤكد تكرار هذا الموضوع.
أما موضوع أن يحاول فرض هذه النظرية على العامة وغير المتخصصين قال أن هناك صاعقة حدثت دمرت أبو الهول الأنثى. وهذا شئ لا يصدقه عقل. فلو افترضنا أن هناك صاعقة قد حدثت فعلا دمرت أبو الهول الثانى فلماذا لم تدمر الصاعقة أبو الهول الحالى أو معبد الوادى أو أى أثر بمنطقة الهرم ولو دمرت الصاعقة أبو الهول الثانى فقد تترك أدلة لوجود التمثال فلن تخلع الصاعقة التمثال على حد قوله فقلما تنزع شجرة من جذورها. أم موضوع الصاعقة التى تم ذكرها فى لوحة الإحصاء فقد اتفق علماء الآثار والجيولوجيا على أنها دمرت الأشجار المعمرة التى كانت موجودة فى الوادى الواقع بجوار أبو الهول وهى وادى الغزلان وقد حاول السيد صاحب هذا الموضوع أن يستثمر حدوث الصاعقة لكى يؤكد وجود أبو الهول الثانى بهضبة الجيزة.
أما موضوع أن شكل أبو الهول أو وضعه يمكن أن يقارن بما كان على جانبى مداخل المعابد حيث تتوازى السيمترية ويصور أو ينحت ما هو موجود على الجانب الأيمن من المدخل وعلى الجانب الأيسر وهذا خطأ واضح ومقارنة ليست فى موضعها الصحيح حيث أن أبو الهول لا يقع عند مدخل معبد بل على العكس تماما كان المعبد هو الذى يوجد أمامه ولذلك يجب أن يقرأ مقالاتى عن أبو الهول والتى نشرت فى المجلات العلمية المتخصصة وسوف يفهم السبب الأساسى لنحت تمثال أبو الهول فى هذا المكان بالذات. أما عن الموقع الذى ذكره. ويوجد به خليلة أبو الهول على حد قوله فهذا الموقع حفر فيه العالم الكبير الراحل سليم حسن وكشف المدينة الهرمية للملكة "خنت كاوس" ولم يعثر على أى دليل إطلاقا لوجود تمثال آخر فى هذا المكان. وإذا نظرنا إلى خريطة هضبة الجيزة فسوف لا نجد أن هناك مكانا يمكن الافتراض فى وجود تمثال آخر بالإضافة إلى أن الألة الأثرية تثبت أن أبو الهول قد نحت فى عهد "خفرع" ويؤكد المخصص الذى ينتهى به اسم أبو الهول "حور إم اخت" فنجد أنه عبارة عن نيلين متقابلين بينمهما قرص الشمس واستطاع المهنس المعمارى أن يضع التمثال الحالى لكى يوجد كإله للشمس بين أفق "خوفو" وأفق "خفرع" وتمثال أبو الهول حالة فريدة لم تتكرر من قبل فى التاريخ المصرى القديم ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يقول ويصدقه البعض عمدا أو جهلا أن التمثال سوف ينتهى بعد ستين يوما. ونؤكد للكل أن أبو الهول بخير ولن تؤثر المياه الواقعة بعيدا عنه وأمام معد الوادى على التمثال إطلاقا والمياه موجودة كما قلنا من قبل أسفل أبو الهول منذ 4500 سنة.
أرجو أن يعقل السيد مروج هذا الكلام ويعرف أن العلم يقول لو لديك نظرية أكتبها فى جملة علمية لو قبلت للنشر وبعد ذلك يمكن أن تناقشها وليس أمام العامة والصحف والندوات. هذا ولا يجب أن نشاهد ظهور مياه فى منطقة أثرية أن الموقع سوف ينهار هناك دراسات وأبحاث علمية يقوم بها المتخصصون. ولكن لن يسقط أبو الهول كما يدعى ولا يوجد خليلة لأبو الهول.



الاثنين، 23 سبتمبر 2019

قصة البيان الأول للثورة.. من داخل استوديوهات الإذاعة

قصة البيان الأول للثورة.. من داخل استوديوهات الإذاعة
بقلم فهمى عمر
أخبار اليوم السبت 25 يوليو 1998م - 1 ربيع الآخر 1419هـ

ستظل ذكريات صباح يوم 23 يوليو عام 1952.. محفورة فى ذاكرتى خاصة أنى كنت المذيع الوحيد من أبناء جيلى الذى شهد على الطبيعة فجر هذا اليوم عندما استقبلت طلائع الثوار فى استوديوهات الإذاعة المصرية بشارع علوى.. وشارع الشريفين.
كان من قدرى أن أكون مذيع فترة الصباح من البرامج "الأربعاء" من كل أسبوع..
وكان يوم 23 يوليو 1952 يوافق يوم الأربعاء.
وأذكر.. أننى كنت مذيع فترة المساء يوم الثلاثاء 22 يوليو.. وتركت مبنى الإذاعة وجنود الشرطة هم الذين يحرسون المبنى منذ حريق القاهرة فى 25 يناير عام 1952.
وكانت المفاجأة فى صباح اليوم التالى أن وجدت المنظر مختلفا تمام الاختلاف.. فعلى مدخل شارع الشريفين من ناحية التقائه بشارع صبرى أبو علم.. "وجدت". سيارة مصفحة وصفين من الجنود حتى نهاية مبنى الإذاعة بشارع الشريفين.
ثم وجدت صفين من الجنود أيضا يحيطان بمنى الاستوديوهات بشارع علوى القريب من شارع الشريفين.. وعندما استوقفنى ضابط الطابور وعرفته بنفسى رحب بى.. وقال نحن فى انتظارك منذ الفجر.. وأخذنى من يدى وتوجهنا معا إلى مبنى علوى.. وصعدنا سلالم المبنى حتى وصلنا إلى استراحة المذيعين أمام الاستوديوهات.
كانت المفاجأة الثانية فى انتظارى بالاستراحة. كانت تتمثل فى البكباشى أنور السادات الذى كان يجلس وحوله مجموعة من الضباط عيونهم محمرة من السهر الطويل.. وعلى أكتافهم البنادق سريعة الطلقات.. رغم هذا المنظر إلا أن الرجل رحمه الله استقبلنى ببشاشة ظاهرة.
وقال إنه يأسف لأن برنامج الإذاعة سيدخل عليه بعض التعديل.
هنا.. أحسست أن الأمر شيئا جليلا وقلت له. مرحبا بك وأهلا.. فقد كنا شباب ذلك الجيل نترقب حدثا مثيرا يحقق لنا أمنياتنا التى كانت تجيش فى صدورنا وتجعلنا نخرج فى مظاهرات عارمة ونحن طلبة فى الجامعات تهتف بسقوط الاستعمار والملكية والأحزاب الخائنة.
والدليل على ذلك أننى عندما سألت المرحوم جمال القاضى وكان برتبة (اليوزباشى) يقف خلف (البكباشى) أنور السادات ما هو الموضوع. فقال بصوت جهورى: دى الثورة يا أستاذ.. وأخذنا نقبل بعضنا البعض وقبلته من وجنتيه.
وقد ذكر المرحوم جمال القاضى هذه الحادثة فى أكثر من مقال وحديث إذاعى.
المهم.. أن الإذاعة فى تلك الأيام كانت تبدأ إرسالها الساعة السادسة والنصف صباحا وتم الاتفاق بينى وبين البكباشى أنور السادات على أن نبدأ الإرسال بموسيقى مارش عسكرى.. وبعد حوالى دقيقتين يدلى بالبيان.. الذى حدث أننى دخلت الاستوديو وقلت أنا بعد دقات الساعة
أعلنت ساعة جامعة فؤاد الأول السادسة والنصف من صباح يوم الأربعاء الثالث والعشرين من يوليو.. والإذاعة المصرية تحييكم وتستقبل معكم هذا الصباح بكل الخير.. وإليكم الآن موسيقى مارش عسكرى.
وبعد دقيقة من إذاعة الموسيقى قطع الإرسال من أبو زعبل حيث محطات الإرسال.
أبلغنى المهندسون فى غرفة مراقبة البرامج لذلك الحدث.. ونقلته إلى البكباشى أنور السادات.. الذى اكفهر وجهه.. وقال كلاما كثيرا.. منها أذكر.. كلمة يعنى إيه؟ فقلت يا حضرة البكباشى.. شارتك تقول أنك من سلاح الإشارة الملكى فكيف لا يتبادر إلى ذهنك أن هناك محطات إرسال فى أبو زعبل تبث من ينقله الميكروفون إليها خلال خطوط تليفونية ومعنى ذلك أن محطة الإرسال فى أبو زعبل قد تم تعطيلها!
خرج الرجل من الاستوديو مسرعا.. وظللت أقدم فقرات البرنامج حتى إذا ما عاد الإرسال فى أى وقت وجد مادة تذاع.
وقام البكباشى أنور السادات.. بإجراء اتصالات تليفونية. عاد الإرسال على أثرها فى الساعة السابعة و13 دقيقة وعندما يسألنى أحد لماذا التحديد بالدقيقة.
أقول لأننى لازلت أحفظ عن ظهر قلب ما كتبته فى تقرير المذيعين فى ذلك الصباح محددا بالدقيقة.
وعاد الإرسال فى السابعة و13 دقيقة لينقطع مرة ثانية عن طريق هيئة التليفونات لأن البرامج ترسل من دار الإذاعة إلى محطات الإرسال عن طريق خطوط تليفونية.
يشاء الله سبحانه وتعالى أن يستمع الناس إلى بيان القوات المسلحة بأكبر كثافة استماع ممكنة.. وذلك من خلال أول نشرة للأخبار تذاع فى الساعة السابعة والنصف لأن الناس قبل أن يتجهوا إلى أعمالهم كانوا فى تلك الأيام يستمعون إلى نشرة الأخبار خاصة وأن الإذاعة كانت هى وسيلة الاتصال الأولى فى تلك الأيام.
عاد الإرسال سليما من كل الوجوه فى الساعة السابعة والنصف إلا ثلاث دقائق ودخل البكباشى أنور السادات إلى الاستوديو واثقا من أن البيان سيذاع على الملأ. ودقت ساعة الجامعة.. الساعة السابعة والنصف وقلت أنا.
أعلنت ساعة جامعة فؤاد الأول السابعة والنصف.. وإليكم أولى نشراتنا الإخبارية لهذا اليوم نستهلها ببيان من القيادة العامة للقوات المسلحة يلقيه مندوب القيادة.. وكانت هذه هى تعليمات البكباشى أنور السادات.
وقلت له بعد أن قرأ البيان وهم بالخروج أغلقت الميكروفون وسألته من الممكن أن ألقى البيان بصوتى فرفض وقال.. أن الذى سيقرأ البيان أحد الضباط المنوط بهم حراسة مبنى الإذاعة نحن لا نريد أن ندخلكم معنا فى هذا الأمر.
وأذكر عندما أنهيت فترة الصباح الأولى من البرامج ونزلت إلى المكاتب وجدت منظرا غاية فى الروعة يدل على أن الثورة كتب لها النجاح منذ لحظة إذاعة البيان لأول مرة.. فقد كانت جماهير الشعب تحتضن جنود وضباط الجيش التى كانت تحرس المبنى وكثيرون منهم يتسلقون العربات المصفحة الموجودة فى الشوارع المحيطة بالإذاعة.



أخبار اليوم