الجمعة، 1 يناير 2010

قمبيز .. ملك فارسى على مصر

قمبيز .. ملك فارسى على مصر

إعداد: أشرف السيد الشربينى

مقدمة
قمبيز ملك الفرس ويعرف بإسم "قمبيزالثانى" وهو ابن "قورش الأكبر"
كان قورش قد طلب يد أبنة "أحمس الثانى" ولم يكن "أحمس الثانى" متحمسا لهذه الزيجة لأنه يعرف أن الملك الفارسى ليس جادا فى طلبه مصاهرته وأنه سيجعل من إبنته محظية له, فرفض تلك الزيجة, غير أنه كان يعرف أن الرفض فى هذه الحالة ستكون له عواقب وخيمة على البلاد نظرا لشراسة قورش وقوة جيشه لذلك قرر اللجوء للحيلة, وقد كانت للملك السابق "أبريس" إبنة جميلة هى "نيتيتس" فجهزها وأمدها بهدايا كثيرة وأرسلها إلى قوش بدلا من إبنته فى موكب عظيم, مما أصاب قورش بالغضب الشديد وعجل لإحتلاله مصر, ولم يمنع زحف "كورش" على مصر إلا إضطراره لمحاربة بدو التورانيين, كما أن الأجل لم يمتد به إلى فتح مصر فقد لقى حتفه فى إحدى الحملات فى عام 529 ق.م, ،وتولى "قمبيز" الحكم بعد وفاة أبيه, وقد بدأ حكمه بأن قتل أخاه "سمرديس" منافسه فى المُلك.
كانت مصر متمتعة فى عهد أحمس بتقدم واستقرار كبير طوال مدة حكمه وبالرغم من ذلك كانت هناك بعض أوجه الضعف التى بدا أنها تشكل خطرا على مصر, حيث كان عماد الجيش المصرى الأساسى قائم على كثير من العناصر الأجنبية المرتزقة مما يجعل ولآئهم محل شك، وأيضا المنح التى كان يخصهم بها أحمس جعلتهم محل حسد وحقد من المصريين، وكان من نتيجة تلك الأمور أن فر أحد القادة فى الجيش ويدعى فانيس إلى صفوف جيش قمبيز ووشى له بخطط الجيش المصرى ومواقعه كما دله على مسالك الصحراء.
حاول "أحمس" الإستعداد للهجوم المتوقع من قبل "قمبيز" بمحاولة عقد حلف مع بلاد قبرص والطاغية "بوليكرات" من "ساموس" الذى كان يملك أسطولا كبيرا حتى تكون له السيادة البحرية ولكنه فشل حيث خزله وانضم إلى الفرس.

قمبيز يتولى حكم فارس:
كان فتح مصر موضع تفكيرالملك الفارسى "قورش" والذى كان قد أعد العدة بصبر وتمهل لفتح مصر فلما تولى "قمبيز" ملك فارس من بعده عمل جهده لإعداد العدة لذلك, وقد بدأ يستعد بتجريد "أحمس الثانى" من حلفائه. فتحالف هو مع كل من "بوليكارت" ملك جزيرة "ساموس" وملك "فينيقيا", فكان ذلك من الأسباب التى سهلت له تقوية الحملة البرية على مصر بواسطة أسطوله البحرى وأساطيل حليفيه. يضاف إلى ذلك أن "قمبيز" قد حصل على مساعدة بدو خليج السويس. هذا وقد ضمن "قمبيز" لنفسه وجود قاعدة قوية ينقض منها على الحدود المصرية بالتصريح لليهود ببناء معبد أورشليم حيث جمع جموعه فى "فلسطين" وأرسى أسطوله فى ميناء "عكا", وفضلاً عن ذلك نجد أن الفرس قد إكتسبوا إلى جانبهم عواطف الجنود المرتزقة الذين كانوا فى خدمة الفرعون.
بعد تولى قمبيز العرش عمل على تثبيت دعائم حكمه وتأمين حدوده التى قامت فيها بعض القلاقل، وبعد أربعة سنوات بدأ فى التفكير لإحتلال .مصر وضمها إلى الإمبراطورية الفارسية
وإستطاع "قمبيز" تأمين الماء لجيشه من زعماء الأقاليم التى سوف يمرعليها جيشه فى الصحراء الجنوبية.

وفاة "أحمس الثانى" وتولى إبنه:
وفى نهاية عام 526 ق.م توفى الملك "أحمس الثانى" ودفن فى الحى المقدس للآلهة "نيت" بمدينة "سايس" بعد حكم طويل حافل بجلائل الأعمال, وتولى الحكم من بعده إبنه الملك "بسمتيك الثالث" بعد وفاة "أحمس الثانى" ووقع على عاتق هذا الملك الدفاع عن المملكة من الخطر الفارسى الذى بدأ يلوح فى نهاية عهد ابيه وكان هذا الامير فى نهاية العمر تربى بعيدا عن السياسه وفنون الحكم لذا كان غيرمؤهل لتحمل المسئوليه فى حين ان مصر كانت محتاجه لحاكم متمرس فى الحرب والحكم فى ان واحد.
فى ذلك الوقت تقريباً إنقض "قمبيز" ملك الفرس بجيش كبيرعلى مصر, وقد كان يساند هذا الغزو البرى, أسطول فينيقى قوى تم تجهيزه بسفن فى جزيرة قبرص التى كانت قدإنضمت إلى جانب "قمبيز". وتدل شواهد الأحوال على أنه لم تحدث أى مقاومة إلا من مدينة غزة التى كانت المدينة الوحيدة التى وقفت فى وجه الفرس دفاعاً عن مصر.
وقد ساعد العرب القاطنون فى صحراء شبه جزيرة سيناء "قمبيز" على شق طريقه الوعرة فى الصحراء. وقد ساعدت الأحوال الفرس بهروب "فانس" أحد أبناء "هاليكارناس" الذى كان رئيساً من رؤساء الجنود المرتزقة الذين كانوا فى خدمة "أحمس الثانى", وإنضم إلىمعسكر "قمبيز" وأطلعه على أسرار كل الترتيبات التى وضعها المصريون لمقاومة الفرس, وجعلهم يتعرفوا على كل المواصلات الحربية الخاصة بالمصريين وبخاصة الحصون والمسالك التى فى شرقى الدلتا.
كما أنه كان هناك قائداً للأسطول البحرى المصرى فى عهد "بسمتيك الثالث" يدعى "وزاحر راسن" كان ميالاً إلى جانب الفرس ومما لا شك فيه أنه كان له تأثير كبير على نتيجة الحرب التى قام بها "قمبيز" لفتح مصر.

المعركة بين المصريين والفرس:
أظهر بسماتيك الثالث حكمه كبيره فى هذه الساعة الخطيره فأمر باخاء المرتزقه لمعسكراتهم الدائمه وجرد القصور من الحراس والأسطول من الملاحين وذهب سريعا إلى الميدان ليختار ارض المعركه, وقد حاول "بسمتيك الثالث" أن يحمى معاقل شرقى الدلتا, وكانت خطته إلى حد ما موفقه لأنها كانت ملائمه للدفاع لكن كان الفرس متفوقين بمراحل حيث كان القواد والجنود من المحنكين فى الحرب خصوصا فى حروب ليديا وبابل بعكس المصريين فى ذلك الوقت لم يدخلوا اىحرب أومعركه, ثم وقعت المعركة الفاصلة بين الجيشين الفارسى والمصرى واستمرت المعركه بينهما من طلوع الشمس إلى غروبها, وكان القتال فى الجانبين بنفس الحماس ولكن بالطبع تفوق الفرس لايمكن انكاره, إنتصر الفرس وذلك فى حوالى مايو 525ق.م عند بلدة "بلوزيوم" (الفرما) التى قاومت الجيش الفارسى ومن بعدها مدينة "عين شمس" بعض المقاومة, وقد حطم فيها جيش "بسمتيك الثالث", ومن ثم كان فى مقدور الجيش الفارسى أن يشق طريقه إلى "منف" التى كان قد إحتمى فيها "بسمتيك الثالث" فسقطت أمام هجوم جيوش "قمبيز" وأخذ "بسمتيك الثالث" أسيراً فى حوالى يونيو 525 ق.م وتم حمله إلى سوسا، عاصمة الفرس، مقيدا بالأصفاد والسلاسل حيث تم اعدامه لاحقاً, وتم أخذ ابنة "بسماتيك" جارية، وحُكِم على إبنه بالإعدام.

مصر تحت الحكم الفارسى:
ويظهر لنا أن قمبيز قد منع جنوده من التعدى على الناس, وأصلح ولو جزئياً الأضرار التى نتجت عن الغزو.
لم يستطع قمبيز أن يتجرد من كل إعتبارلرجال الدين. فقد كان لرجال الدين ممثلاً لدى قمبيز ذو مهارة خاصة, وهو طبيبه الخاص "وزاحررسن" الذى كان فيما سبق قائداً للأسطول البحرى فى عهد "بسمتيك الثالث". وقدعرف هذا الطبيب كيف يثير إهتمام "قمبيز"من أجل مدينته سايس على الأقل, ومن المحتمل أن الخدمات العظيمة التى أداها "وزاحر رسن" قد هيأت له أن يتوسط لدى قمبيز فى صالح مدينته "سايس"على الأقل, كما توسط كذلك لدى "قمبيز" لخدمة الآلهة المصرية, حيث أوضح "وزاحر رسن" لجلالته مقدارعظمة مدينة "سايس" ومقدارعظمة معبد "نيت", وعرفه جميع معابد "سايس".
ولماعرض "وزاحررسن" على قمبيز أن الأجانب فى مختلف الأجناس, يسكنون على أرض المعبد, مما يثير مقت المصريين الأتقياء, أمر قمبيز بهدم بيوت الأجانب, وأجبرهم على الإقامة خارج سور حرم المعبد.
وتدل شواهد الأحداث على أن "قمبيز" بإتخاذه هذه الإجراءات كان يبحث ولو فى الظاهر عن إرضاء الشعب المقهور والتودد إليه, ومن أجل الوصول إلى قصده هذا إتخذ ألقاباً فرعونية, وهى الألقاب الخمسة التى كان يتقلدها فى العادة كل فرعون عند توليه عرش الملك فى مصر, وقد ألف له هذه الألقاب أو الأسماء "وزاحر رسن" الذى أوضح له الأهمية الدينية لمدينة "سايس", وقد بلغ الأمر حداً أن دخل الملك الفارسى فى سايس نفسها, فى معبد نيت وركع أمام سيدته كما فعل كل ملك, وقدم كذلك قرباناً كبيراً من كل شئ طيب إلى "نيت" العظيمة أم الآلهة, وللآلهة العظيمة فى سايس.
وفى أثناء تنظيم البلاد المصرية بعد الفتح الفارسى كان قمبيز يعد العدة للقيام بحملات نحو الجنوب ونحو الغرب, وأسفرت حملاته عن خضوع كل من "لوبيا" و "برقة" لسلطانه.
وأراد قمبيز أن يواصل غزواته إلى النوبة، ولكنه هُزِمَ فارتدَّ على أعقابه، ثم عاد فسيَّر جيشه من طيبة غربًا إلى الواحات الخارجة ومنها إلى سيوة، ولكن ريحا عاتية ثارت على الصحراء، فدُفِنَ هذا الجيش كله ولم ينج منه أحد، ولا عثر عليه أحد بعددخوله الصحراء.

وفاته:
وردت إلى "قمبيز" أنباء عن وقوع ثورات فى "فارس" تنادى بجعل "جوماتا" ملكا, وكان "جوماتا" قد قد ادعى أنه سمرديس وأنه نجا بإحدى المعجزات من حسد أخيه قمبيز واعتزامه قتله. أما الحقيقة فإنه كان أحد رجال الدين المتعصبين من أتباع المذهب المجوسى القديم، وكان يعمل جاهداً للقضاء على الزردشتية دين الدولة الفارسية الرسمى, مما اضطر قمبيز إلى العودة إلى فارس للقضاء على هذه الثورات, وعندما غادر "قمبيز" الديار المصرية عائداً إلى مقر ملكه فى "فارس" وضع مقاليد الحكم فى "مصر" التى أصبحت "إقليماً" من إمبراطوريته فى يد الشطربه "أردياندس", وقد مات "قمبيز" فى "سوريا" عام 522 ق.م وهو فى طريقه إلى "فارس وقيل إنه انتحر.

هيرودوت يتكلم.. والمتون المصرية ترد:
ويقول "هيرودوت" بأن "قمبيز" عندما جاء لفتح مصر ودخل قصر "أحمس الثانى" الذى كان قد مات منذ أشهر قليلة, أمر "قمبيز" بإحضار جسم "أحمس الثانى" الميت من ضريحه, وعندما تم له ذلك أعطى الأوامر بجلده ونتف شعره ووخزه وإمتهان جسده وإنتهاك حرمته بكل طريقة ممكنة, ولما كان الجسد محنطاً فقد قاوم تقطيعه, فأمر "قمبيز" بحرقه وبذلك أمر بما هو كفر لأن الفرس كانوا يعتبرون النار إلهاً, وأنه ليس من الحق أن نقرب لإله جسم إنسان ميت, كما كان ذلك غير مسموحاً به فى الديانة المصرية أيضاً, ولم يصلنا من الآثار والمتون القديمة ما يؤكد رواية "هيرودوت" التى هى فى الغالب رواية مختلقه.
ويقول "هيرودوت" أيضاً بأن "قمبيز" قد فتح المدافن القديمة وأهان الأجسام الميتة, ودخل معبد "كابير" المحرم دخوله لغير الكهنة وحرق تماثيل هذا المعبد بعد أن أهانها بطرق مختلفة.
فكيف لملك الفرس "قمبيز" الذى إحترم العقائد والشعائر الدينية, وأمر بتقديم القرابين للآله, وذهب بنفسه وسجد أمام الإله "نيت" فى مدينة "سايس" وقدم بنفسه أفضل القرابين للآلهة فى هذه المدينة, أن يخالف عقائد الفرس وعقائد المصريين ويقوم بحرق جسد "أحمس الثانى" الميت, وأن يفتح المقابر ويهين الأموات, ويهين آلهة المعابد.
كما يذكر لنا "هيرودوت" بأنه عندما عاد "قمبيز" من حملته الفاشلة فى بلاد النوبة, ودخل مدينة "منف" وجد المصريين يحتفلون بظهور عجل "أبيس" جديد ظهر لهم, فظن أنهم يحتفلون فرحاً بسبب فشل حملته, فقام بجرح العجل "أبيس" وقد مات متأثراً من جراحه بعد زمن قصير, فقام الكهنة بدفن العجل "أبيس" على غير علم من قمبيز.
إلا أن النصوص المصرية القديمة تؤكد لنا على إحترام "قمبيز" للديانة المصرية, حيث أنه عثر على لوحة فى سربيوم "منف" تؤكد لنا أن العجل "أبيس" الذى مات فى عهد قمبيز قد دفن بإحتفال كبير فى العام السادس من حكم قمبيز ولم يدفن على غير علم من قمبيز كما ذكر هيرودوت, وقد وصل إلينا تابوت أهداه "قمبيز" لهذا العجل, أما العجل الذى خلفه فقد مات فى عهد "دارا الأول" أى بعد وفاة "قمبيز", كما أنه على حسب العقائد الدينية المصرية القديمة فإنه لا يمكن أن يظهر الإله فى حيوانين فى وقت واحد.
ويذكر لنا هيرودوت أن الفينيقيين قد إمتنعوا عن مساندة الهجوم الذى قام به "قمبيز" على "قرطاجنة" مما أدى إلى فشل حملته على تلك الجهة, وبعد ذلك حول "قمبيز" جهوده لإخضاع الواحات, وبلاد "كوش" التى كان يعد فتحها من الأمور الضرورية لإتمام فتح "مصر", فسار من "طيبة" جيشان إتجه الجيش الرئيسى منهما وهو الذى كان على رأسه "قمبيز" نحو الجنوب فأخضع الكوشيين وسلمت له الواحة الخارجة دون قتال.
ويذكر لنا هيرودوت بأنه عندما عاد قمبيز من حملته هذه أصابته لوثة, ومن ثم بدأ يرتكب فظائع فى "مصر", فقد إضطهد رجال حاشيته من الفرس كما إضطهد الكهنة المصريين وإحتقر ديانة البلاد وعقائدها." (على حسب ما ذكره لنا هيرودوت غير أن المتون المصرية التى وصلت إلينا حتى الآن لم يأت فيها ما يؤكد إرتكاب هذه الجرائم).
وبينما نجد "هيرودوت" قد وضع "قمبيز" فى صورة سيئة إلا أن الواقع كما جاء فى المتون المصرية يؤكد على أنه كان ملكاً أكثر حكمة ومكانة أعظم مما إفتراه عليه الكتاب الأقدمون من أقاويل.

هناك 4 تعليقات:

  1. كلام هيرودوت منطقى جدا قمبيز شخص مختل وغير سوى استهل حكمه بقتل اخيه فهل نسيبعد عنه التمثيل بجثمان الرملك الذى رفض زواجه من ابنته وايضا قتل 2000 من امصريين فى منف بعدما قتلوا 200 من البحاره التابعين له انتقاما من اهل منف . هيرودوت قال انه حاول استرضاء المصريين فتره من الوقت لكنه فشل وليس وجود دليل على كلام هيرودوت فى البرديات المصريه داعى لتكذيبه فمن الوارد جدا ان تكون لم تكتشف بعد .قمبيز محتل قذر اهان شعبا وبلادا لم تضره واستحق عقاب السماء قبل لعنات البشر

    ردحذف
  2. تحفة مفهوم انا اتعلمت كتير

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.